اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 345
كما شاء، فلا نافع و لا ضار غيره، لأنا قد دللنا فى هذا الكتاب
على أن كل ما سوى اللّه تعالى ممكن، و كل ممكن فهو مفتقر إلى ترجيح مرجح، و
الخيرات و الشرور كلها داخلة فى هذه القضية. و هذا يوجب القطع بأنه تعالى هو
النافع، و هو الضار و هذان الوصفان إما أن يعتبرا فى أحوال الدنيا، أو فى أحوال
الدين.
أما الأول: فهو أنه تعالى مغنى هذا، و مفقر ذاك، و معطى الصحة لهذا،
و المرض لذاك.
و أما فى أحوال الدين: فهو أنه يهدى هذا، و يضل ذاك، و يقرب هذا، و
يبعد ذاك.
أما حظ العبد من هذين الوصفين: فهو أن يكون ضارا بأعداء اللّه، نافعا
لأولياء اللّه، قال تعالى: «أَذِلَّةٍ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ»
«1» و لا يكون ضرره بأعداء اللّه مطلوبا له إلا بالغرض، و النفع مطلوبا
بالذات.
و أيضا حظ العبد من هذين الاسمين أن لا يرجو أحدا، و لا يخشى أحدا، و
أن يكون اعتماده بالكلية على اللّه.
قيل: إن أول ما كتب اللّه تعالى فى اللوح المحفوظ «أنا اللّه الّذي
لا إله إلا أنا، من لم يستسلم لقضائى، و لم يصبر على بلائى، و لم يشكر لنعمائى،
فليطلب ربا سواى» و قيل: «من لم يرض بالقضاء فليس لجهله دواء».
و حكى أن موسى عليه السلام شكا ألم سنه إلى اللّه، فقال: خذ الحشيشة
الفلانية وضعها على سنك، ففعل، فسكن الوجع فى الحال، ثم بعد مدة عاوده ذلك الوجع،
فأخذ تلك الحشيشة مرة أخرى، و وضعها على السن، فازداد الوجع أضعاف ما كان، فاستغاث
إلى اللّه تعالى: إلهى أ لست أمرتنى بهذا، و دللتني عليه؟ فأوحى اللّه تعالى إليه:
يا موسى أنا الشافى، و أنا المعافى، و أنا الضار
______________________________
(1) جزء من الآية 54 من سورة المائدة.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 345