اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 305
أو بعضها ممكن، و بعضها واجب، أما ضد القسم الأول، و هى أن تكون
كلها ممكنة فهذا محال، لأنه إذا كان الكل ممكنا فقد وجد ذلك الكل الممكن لا بسبب؛
هذا خلف.
و الثانى أيضا محال، لأنه إذا وجد موجودان واجبان بالذات فقد اشتركا
فى الوجوب، و تباينا بالتعين، فيقع التركيب فى ذات كل واحد منهما، و كل مركب ممكن؛
فكل واحد منهما ممكن، هذا خلف.
فلم يبق إلا القسم الثالث، و هو أن يكون الواحد واجبا، و الباقى
ممكنا، فذلك الواحد لكونه واجبا بذاته يكون قائما بذاته، غنيا عن غيره.
و لما كان كل ما سواه ممكنا، و كل ممكن فهو مستند إلى الواجب، كان كل
ما سواه مستندا إليه، و كان هو سببا لوجود كل ما سواه، فكان هو سببا لتقويم كل ما
سواه، فثبت أن ذلك الواحد قائم بذاته على الإطلاق، و سبب لقوام كل ما سواه على
الإطلاق، فوجب أن يكون قيوما، لأنها مبالغة من القيام، و كمال المبالغة إنما يحصل
عند الاستغناء به عن كل ما سواه، و افتقار كل ما سواه إليه، فثبت بهذا البرهان
النير أنه سبحانه هو القيوم الحق بالنسبة إلى كل الموجودات.
إذا عرفت هذا فنقول: تأثيره فى غيره إما أن يكون بالإيجاب أو
بالإيجاد فإن كان الأول لزم من قدمه قدم كل ما سواه و هو محال، فثبت أن تأثيره فى
غيره هو بالإيجاد، و الموجد بالقصد و الاختيار لا بدّ و أن يكون متصورا ماهية ذلك
الشيء الّذي يقصد إلى إيجاده، فثبت أن المؤثر فى العالم فعّال درّاك، و لا معنى
للحى إلا ذاك؛ فثبت أنه سبحانه حي، فلهذا قال:
«الْحَيُّ الْقَيُّومُ» دل بقوله (الحى) على كونه عالما، قادرا،
و بقوله (القيوم) على كونه قائما بذاته، مقوّما لغيره، و من هذين الأصلين تتشعب
جميع المسائل المعتبرة فى علم التوحيد.
و اعلم أنه لما ثبت كونه سبحانه قيوما فهذه القيومية لها لوازم.
(م 20- لوامع البينات)
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 305