اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 287
و اعلم أن الشهيد مبالغة من الشاهد، كالعليم من العالم، و
القدرة من القادر و النصير من الناصر، و فى تفسيره وجوه:
الأول: أنه العالم، قال الغزالى: إنه تعالى عالم الغيب و الشهادة، و
الغيب عبارة عما بطن، و الشهادة عبارة عما ظهر، فإذا اعتبر العلم مطلقا فهو
العليم، و إذا أضيف إلى الغيبة و الأمور الباطنة فهو الخبير، و إذا أضيف إلى
الأمور الظاهرة الحاضرة فهو الشهيد.
الثانى: الشاهد و الشهيد، هو الحاضر المشاهد، قال تعالى: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» «1» أى من حضره، و هذا الحضور إن كان بالعلم
فهو الوجه الأول، و إن كان بالرؤية و الإبصار كان ذلك وجها ثانيا قال عليه الصلاة
و السلام:
«اعبد اللّه كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك».
الثالث: الشهيد و الشاهد هو الّذي يظهر بقوله للأمر المتنازع فيه بين
الخصمين و يظهر به صدق المدّعى، و ثبوت حقه على خصمه، فقوله «شهد اللّه، مفسرا
بهذا الوجه و كذا قوله «إلا كنا عليكم شهودا».
الرابع: أنه شهيد بمعنى أنه بيّن توحيده و عدله، و صفات جلاله بنصب
الدلائل، و وضع البينات، و فسر بعضهم قوله «شَهِدَ اللَّهُ
أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» بنصب الدلائل على التوحيد.
الخامس: أنه شهيد بمعنى المشهود له، و ذلك أن العباد يشهدون له
بالوحدانية و يقرون له بالعبودية، فيكون فعيلا بمعنى مفعول، و يتأكد هذا الوجه
بقوله تعالى «وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ»
«2» فاللّه طلب الشهادة من عباده على وحدانيته،
______________________________
(1) جزء من الآية 185 من سورة البقرة.
(2) جزء من الآية 172 من سورة الأعراف.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 287