اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 278
و اعلم أن هذا الاسم مشتق من السعة، و الواسع المطلق هو اللّه
سبحانه. فهو وسع وجوده جميع الأوقات، بل قبل الأوقات. لأنه موجود أزلا و أبدا. و
وسع علمه جميع المعلومات فلا يشغله معلوم عن معلوم. و وسعت قدرته جميع المقدورات
فلا يشغله شأن عن شأن و وسع سمعه جميع المسموعات فلا يشغله دعاء عن دعاء.
و وسع إحسانه جميع الخلائق فلا يمنعه إغاثة ملهوف عن إغاثة غيره. و
يخطر ببالى أنه إنما ذكر اسم الواسع عقيب اسمه المجيب؛ لأن التقدير كأن سائلا سأل
و قال كيف يمكنه إجابة الكل. و كيف يسمع أصواتهم دفعة واحدة؟ و كيف يعلم ضمائرهم
دفعة واحدة؟ و كيف يقدر على تحصيل مراداتهم دفعة واحدة؟
فأجبت عن هذا السؤال: بأن هذا إنما يصعب فى حق الواحد منا لضيق قدرتا
و علمنا، أما الحق سبحانه فهو الّذي يسع علمه جميع المعلومات. و قدرته جميع
المقدورات؛ فلا يستعذر عليه إجابة المحتاجين.
و اعلم أنا نشاهد فى الخلق من يكون ضيق العلم و القدرة. حتى أن عقله
و فهمه لا يصلح إلا لنوع واحد من العلوم. و قدرته لا تصلح إلا لنوع واحد من
الأعمال.
و منهم من يكون واسع العلم و القدرة فيصلح عقله و فهمه لأكثر العلوم.
و قدرته لأكثر الأعمال. بل قد يبلغ الإنسان فى سعة العلم و القدرة إلى أن يجمع بين
الأعمال الكثيرة دفعة واحدة. و لقد أخبرنى الثقات عن بعض الأفاضل من الشعراء أنهم
عينوا له خمسة أنواع من الوزن و القافية. فكان يلعب بالشطرنج.
و يملى على الكل تلك الأشعار.
و إذا رأينا أن العلوم و القدرة قابلة للأشد و الأضعف. و الأكمل و
الأنقص و بلغت فى درجة الكمال البشرى إلى حيث يمكن الإنسان من الجمع بين أفعال
كثيرة. و كذلك لا يبعد أن يتزايد هذا الكمال، و هذه القوة، إلى أن ينتهى إلى قدرة
تتسع لتدبير جميع الممكنات، و إلى علم يتعلق بجميع المعلومات.
و أما حظ العبد من هذا الاسم فقد تلخص مما ذكرناه.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 278