اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 269
حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»؟ فإذا كان هو
كافيا فأى حاجة إلى من اتبعه من المؤمنين.
قلنا: نقل عن ابن عباس أنه قال: معنى الآية اللّه حسبك و حسب من
اتبعك من المؤمنين: و هو تفسير حسن.
الوجه الثانى: أن الحسيب بمعنى المحاسب كالنديم بمعنى المنادم. و
الجليس بمعنى المجالس. قال تعالى: «كَفى بِنَفْسِكَ
الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً» «1» أى
محاسبا.
فإن اللّه تعالى يحاسب خلقه يوم القيامة قال عليه الصلاة و السلام:
«إن اللّه تعالى يدخل الجنة سبعين ألفا من هذه الأمة بغير حساب و إن عكّاشة منهم.
و إن كل واحد يشفع فى سبعين ألفا».
و منهم من محاسبه حسابا يسيرا و هو المؤمنون الصالحون و مصيرهم إلى
نعيم أبدى لا يزول. و منهم من يحاسبه حسابا شديدا على النقير و القطمير و هم
الكفار المجرمون؛ فيكون مرجعهم إلى الجحيم.
و اعلم أن محاسبة اللّه للعبيد تذكيرهم بما عملوا فى الدنيا من
الحسنات و السيئات و تعريف جزاء أعمالهم من الثواب و العقاب. فيرجع ذلك أيضا إلى
صفات الفعل.
الوجه الثالث: أن الحسيب بمعنى الشريف. و الحسب الشرف. و الحسيب
الشريف الّذي له خصال الشرف. فعلى هذا الحسب للّه بمعنى أن صفات المجد و الشرف و
نعوت الكمال و الجلال ليست إلا له.
و أما حظ العبد: فإن فسرناه بالكافى فهو أن يجتهد العبد فى أن يصير
سببا فى الظاهر لكفاية حاجات المحتاجين. و إن فسرناه بالمحاسب فنصيب العبد منه
______________________________
(1) جزء من الآية 14 من سورة الإسراء.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 269