اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 264
«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ
لَحافِظُونَ» «1» و قال: «وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ» «2».
و اعلم أن الحفيظ أشد مبالغة من الحافظ كالعليم و العالم، و للحفظ
معنيان:
أحدهما ضد السهو و النسيان، و يرجع معناه إلى العلم، فهو تعالى حفيظ
للأشياء بمعنى أنه يعلم جملها و تفاصيلها علما لا يتبدل بالزوال، و السهو و
النسيان.
و الثانى: الحفيظ الّذي هو ضد التضييع، و هو حراسة ذات الشيء، و
جميع صفاته و كمالاته عن العدم، قال تعالى: «حافِظُوا عَلَى
الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى» «3» أى
لا تهملوها و لا تضيعوها، فهو سبحانه و تعالى حافظ السماوات و الأرض، قال تعالى: «وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما»، و
حافظ للكتب التى أنزلها عن التحريف و التبديل، قال:
«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ».
ثم تأمل أحوالك فى دينك و دنياك، أما الدين فانظر إلى الأكابر الذين
زاغوا بأدنى شبهة، أما إبليس فانظر كم عبد اللّه و كم أطاعه، ثم ضل بأدنى شبهة!! و
انظر إلى أكابر الطبيعيين، و حذاق المهندسين و المنجمين، كيف زاغوا بأخس شبهة!!
حتى تعرف أنك إنما بقيت على الحق بحفظ الحق و عنايته، و انظر إلى الخليل عليه
السلام مع جلالة قدره كيف قال: «رَبِّ هَبْ لِي
حُكْماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ» «4» و قال: «رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ
لَكَ» «5» و قال الكليم عليه السلام. «رَبِّ اشْرَحْ
______________________________
(1) الآية 9 من سورة الحجر.
(2) جزء من الآية 7 من سورة الصافات.
(3) جزء من الآية 238 من سورة البقرة.
(4) الآية 83 من سورة الشعراء.
(5) جزء من الآية 128 من سورة البقرة.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 264