اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 219
و ثانيها: قوله (نبىء) خطاب مع الرسول، و عبادى كناية عن
المؤمنين، و الياء كناية عن الرب، فاللّه تعالى ذكر الرسول أولا، و العصاة ثانيا،
و ذكر نفسه ثالثا، و الإشارة فيه شفاعتك من قدام المذنبين، و رحمتى من خلفهم، و هم
بين الشفاعة و الرحمة فكيف يمكن أن يضيعوا.
و ثالثها: حكى عن المأمون: أنه دخل عليه ولد ابنه، و ولد ابنته، فقال
لهما:
أنتما ابن من؟ فانتسب ابن بنته إلى أبيه، و انتسب ابن ابنه إليه،
فأمر حتى ملأ حجره من الجواهر، و حجر الآخر من السكر، و قال ذاك انتسب للأجانب، و
هذا إلى، و النكتة أن من انتسب إلى ملك مخلوق وجد الجوهر، فمن انتسب إلى ملك
الملوك لا يجد جوهر الرحمة.
و رابعها: التكرير فى قوله (أَنِّي أَنَا
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) و مثله فى قوله
«إِنِّي أَنَا أَخُوكَ» و ذلك أن يوسف عليه السلام أجلس إخوته
على المائدة، فجلس كل أخوين من أب و أم معا، فبقى بنيامين وحده. فبكى، فقال له يوسف
عليه السلام و لم تبكى؟ فقال: كان لى أخ من أب و أم، فمات أو فقد، فقال يوسف: أ
تريد أن أكون أخاك؟ فاحتشم بنيامين منه، فقال يوسف: إنى أنا أخوك، فذهبت الحشمة، و
انبسط، بقوله: إنى أنا أخوك، كذلك المذنب يكون فى وحشة الذنب، فقال الرب «أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»
لتذهب عنه الوحشة، و يحصل له الفرح بالرحمة.
المسألة الرابعة: فى كلام المشايخ فى اسمه تعالى غافر و غفور و غفار:
قال بعضهم: إنه غافر لأنه يزيل معصيتك من ديوانك، و غفور لأنه ينسى
الملائكة أفعالك، و غفار لأنه ينسيك ذنبك حتى كأنك لم تفعل، و قيل الغافر فى
الدنيا، و الغفور فى القبر، و الغفار فى عرصة القيامة، و قيل: الغافر لمن له علم
اليقين، و الغفور لمن له عين اليقين، و الغفار لمن له حق اليقين.
و اعلم أنه تعالى قال: «وَ مَنْ يَعْمَلْ
سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 219