اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 201
و قال آخرون المتكبر بمعنى الكبير، قال تعالى «فَلَمَّا
رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ» «1» أى عظمنه، و الحق سبحانه و تعالى هو الكبير الّذي
ليس لكبريائه نهاية و العظيم الّذي ليس لعظمته غاية.
قال الزجاج: المتكبر فى صفات اللّه؛ هو الّذي تكبر عن ظلم عباده.
و اعلم أن هذه الوجوه كلها متكلفة، و التحقيق ما ذكره الغزالى؛ فإن
قيل المتكبر على وزن المتفعل، و هو يفيد التكلف، و المتكلف هو الّذي يظهر أمرا لا
يستحقه، يقال: فلان يتعظم و ليس بعظيم، و يتسخى و ليس بسخى.
إذا ثبت هذا فنقول: المسمى بهذا اللفظ إن كان ثابتا فى حق اللّه لم
يكن ذلك تكلفا فلم يجز إطلاق لفظ المتفعل عليه، و إن لم يكن ثابتا فى حقه تعالى لم
عن إثباته له.
قلنا قال الأزهرى: التفعل قد يجيء بغير التكلف، و منه قول العرب
فلان يتظلم أى يظلم، و فلان يتظلم أى يشكو من الظلم، و هذه الكلمة من الأضداد قد
يعنى بها الظالم، و قد يعنى بها المستزيد من الظلم؛ فثبت أن هذا البناء غير مقصور
على التكلف.
و أنا أقول: يمكن أن يجاب بوجه آخر، و هو أن المتفعل هو الّذي يحاول
إظهار الشيء، و يبالغ فى ذلك الإظهار، ثم إن كان صادقا فيه كان ذلك الإظهار منه
صفة مدح، و إن كان كاذبا فيه كان صفة ذم، و على هذا التقدير يزول السؤال.
أما المشايخ فقد قالوا: المتكبر هو الّذي انفرد بالكبرياء و الملكوت،
و توحد بالعظمة و الجبروت، و قيل: المتكبر الّذي بيده الإحسان، و منه الغفران، و
قيل: المتكبر الّذي ليس لملكه زوال، و لا فى عظمته انتقال.
و أما حظ العبد منه: فهو أن التكبر المحمود للعبد أن يتكبر عن كل ما
سوى
______________________________
(1) جزء من الآية 31 من سورة يوسف.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 201