اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 19
الاسم مسمى بالاسم، فهاهنا الاسم و المسمى واحد قطعا. إلا أن
فيه إشكالا و هو: أن اسم الشيء مضاف إلى الشيء و إضافة الشيء إلى نفسه محال،
فامتنع كون الشيء الواحد اسما لنفسه، فهذا حاصل التحقيق فى هذه المسألة.
و لنرجع إلى الكلام المألوف فنقول: الّذي يدل على أن الاسم غير
المسمى وجوه.
الحجة الأولى: أسماء اللّه تعالى كثيرة و المسمى ليس بكثير، فالاسم
غير المسمى، إنما قلنا أسماء اللّه كثيرة لوجوه أحدها قوله:
«وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها»
«1» و ثانيها قوله عليه الصلاة و السلام «إن للّه تسعة و تسعين اسما» «2» و ثالثها قوله تعالى: «اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» «3» و أما أن المسمى بهذه الأسماء ليس بكثير
فهو متفق عليه، فثبت أن الأسماء كثيرة و أن المسمى ليس بكثير، و كانت الأسماء
مغايرة للمسمى لا محالة، فإن قيل لا نسلم أن الأسماء كثيرة و ما ذكرتم من القرآن و
الخبر محمول على كثرة التسميات لا على كثرة الأسماء، سلمنا أن الأسماء كثيرة لكن
لا نسلم أن المسمى واحد، لأن المفهوم من الخالق حصول الخلق، و المفهوم من الرازق
حصول الرزق، و بين المفهومين فرق.
و الجواب عن الأول من وجوه: أحدها: أن المذكور فى القرآن و الخبر
إثبات الأسماء الكثيرة، إلا إذا بين الخصم أن التسمية غير المسمى و أن المراد من
الأسماء المذكورة فى هذه النصوص التسمية، لكن كل ذلك عدول عن الظاهر.
و ثانيها: أن المفهوم من التسمية وضع الاسم للمسمى، فلو كان الاسم هو
المسمى لكان وضع الاسم للمسمى عبارة عن وضع الشيء لنفسه و ذلك غير معقول.
و ثالثها: أن المعقول هاهنا أمور ثلاثة: ذات الشيء و هذه الألفاظ
المخصوصة و جعل هذه الألفاظ المخصوصة معرفة لتلك المعانى المخصوصة بالوضع و
الاصطلاح.
أما ذات الشيء فهو المسمى، فلو كان الاسم عبارة عن ذات الشيء لزم
كون الشيء اسما لنفسه و ذلك غير معقول.
______________________________
(1) جزء من الآية 180 من سورة الأعراف.
(2) الحديث بتمامه «إن للّه تسعة و تسعين اسما- مائة إلا واحدا- إن
اللّه وترا يحب الوتر. من أحصاها دخل الجنة» رواه الترمذي.
(3) الآية 8 من سورة طه.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 19