responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 135

و المكاشفة كالشي‌ء الّذي يراه الرائى بين النوم و اليقظة، و المشاهدة كالشي‌ء الّذي يراه الرائى حال اليقظة، ثم كما أن الرؤية فى اليقظة يختلف حالها بسبب القرب و البعد، و صفاء الهواء و ظلمته، و كثرة الموانع و قلتها، و قوة البصر و ضعفه، فكذا هاهنا.

و المثال الثانى: أن المحاضرة تشبه الجلوس على باب عتبة الملك وراء الباب و المكاشفة تشبه دخول الدار، و المشاهدة تشبه الوقوف فى الموضع الّذي لا يكون بينك و بين المطلوب حجاب، سئل ابن دينار: متى يشهد العارف الحق؛ فقال إذا تجلى المشاهد، و فنيت الشواهد، و بطل الاختصاص، و اضمحل الإخلاص.

و اعلم أن هذا المقام لما كان فى غاية العلو كان الفتور فيه من أعظم الذنوب، قال عليه الصلاة و السلام: «إنه ليغان على قلبى و إنى لأستغفر اللّه فى اليوم و الليلة سبعين مرة» و فى هذا الحديث وجوه.

الأول: المراد منه ما يغشى قلبه من غفلة، أو يعترضه من فترة بحكم الجبلة البشرية فكان عند ذلك يفزع إلى الاستغفار.

و الثانى: أنه كان عليه السلام أبدا فى الترقى، فإذا انتقل إلى درجة أخرى نظر إلى الدرجة المنتقل عنها، فكان يستحقرها فى العبودية، فيستغفر اللّه منها.

و الثالث: ربما لاح له شي‌ء من جلايا عالم الغيب فيستعظم تلك الدرجة، و يبتهج بها، ثم كان يصير استعظامه لها، و ابتهاجه بها شاغلا له عن الاستغراق فى خدمة الحق، و كان يستغفر اللّه منه.

الرابع: كلما لاح له شي‌ء من عالم الغيب كان يعلم أن الّذي لاح له إنما لاح بقدر قوته و طاقته، و كان يعلم أن قدر عقله و طاقته بالنسبة إلى جلال اللّه كالعدم فحينئذ يعلم أن الّذي لاح له من عالم الغيب بالنسبة إلى ما لم يلح له كالعدم بالنسبة للوجود، فكان يستغفر اللّه من أن يصفه بما يصل إليه قلبه، و عقله و فكره.

و ذكره و خاطره.

اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 135
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست