responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 102

و كذا لا بد من إظهار الفارق بين التثنية و الجمع لعين هذه العلة، فثبت بما ذكرنا أن ضمير النفس أعرف من ضمير المخاطب و أما أن المخاطب أعرف من الغائب فهو ظاهر، إذا ثبت هذا فنقول ظهر أن عرفان كل شي‌ء بذاته أتم من عرفان غيره به، فعلى هذا العرفان التام باللّه ليس إلا للّه لأنه سبحانه هو الّذي يقول لنفسه أنا و لفظ أنا أعرف الأقسام الثلاثة فلما استحال أن يشير إلى تلك الحقيقة بقوله أنا إلا الحق سبحانه، لا جرم لم يحصل العرفان التام بتلك الحقيقة إلا للحق سبحانه.

بل هاهنا قوم من الجهال يجوزون الاتحاد فيقولون الأرواح البشرية إذا استثارت بأنوار معرفة تلك الحقيقة اتحد العاقل بالمعقول، و عند هذا الاتحاد يصح لذلك العارف أن يقول أنا، كما نقل عن الحسين بن منصور (الحلاج) أنه قال أنا الحق، و عن أبى يزيد (البسطامى) أنه قال سبحانى، إلا أن القول بالاتحاد باطل، لأن عند حصول الاتحاد إن بقيا فهما اثنان لا واحد، و إن عدما فالحاصل شي‌ء ثالث غيرهما، و إن بقى أحدهما و فنى الآخر امتنع الاتحاد، لأن الموجود ليس هو نفس المعدوم.

فثبت أن المعرفة الحاصلة بقوله أنا ليست إلا للحق سبحانه، بقى القسمان الآخران و هو قولنا أنت و هو، و أما أنت فللحاضرين فى مقامات المكاشفات و المشاهدات، مثل ما نقل عن نبينا عليه الصلاة و السلام أنه قال: «أنت كما أثنيت على نفسك» قاله فوق العرش، و قال ذو النون تحت الظلمات‌ «لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ» «1» و قالت الملائكة فى موقف الفخر و الهيبة: «سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ» «2» و قال المؤمنون فى معرضهم الروحانى: «أَنْتَ مَوْلانا» «3» و هذا يدل على أن حضور العبد مع الرب لا يحصل إلا مع الفناء عن كل ما سوى الحق.

______________________________
(1) جزء من الآية 87 من سورة الأنبياء.

(2) جزء من الآية 41 من سورة سبأ.

(3) جزء من الآية 286 من سورة البقرة.

اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست