به استعمالها في الحدسيات بلا
عناية نظير قولنا: أشهد أن لا إله إلا اللّه و غير ذلك، و لا كون متعلقها جزئيا
حقيقيا أو إضافيا لترتيب أمر شرعي عليه و الاستدلال عليه بالتبادر عند الفقهاء و
المتشرعة و صحة سلبها عن غيره كما ترى، إذ ليس له حقيقة شرعية و لا متشرعية، بل
الظاهر استعمالها عندهم بما لها من المعنى العرفي و لا تبادر عندهم إلى ما ذكر و
لا صحة سلب عن غيره بل مطلق الإخبار الجزمي شهادة عندهم و اشتراطه مأخوذ من كونها في
الأصل هو الحضور كما في قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ
مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185]
الآية المناسب للإخبار الجزمي فتبين أن النسبة بين الفتوى و الشهادة عموم [و
خصوص] من وجه لتصادقهما فيما كان حدسيا جزئيا و صدق الأول فقط في الحدس الظني، و
الثاني فقط في الجزئي الحسي، و أن كلا منهما أخص من الرواية و النبأ. و أما قول
أهل الخبرة فهو من مصاديق الفتوى، و بينه و بين الشهادة عموم من وجه، و أما الظن
الانسدادي فهو متبائن مع كل من تلك الأربعة. نعم النسبة من حيث المورد و التحقيق
بينها و بينه عموم من وجه. بقي الكلام في أنه هل يعتبر في حجية الشهادة عدم
الكتابة أو تعدد المخبر بعد القطع بعدم اعتبارهما في صدقها؟ الظاهر العدم. أما الأول: فلإطلاق الأدلة و
عدم المقيّد، و أما الثاني: فلأن ما دل على حجية قول الثقة أو العادل مطلق لم يخرج منه إلا
موارد مخصوصة مثل باب الزنا و اللواط و إثبات الحقوق المالية أو غيرها، مما دل
الدليل على اعتبار أربعة عدول أو اثنين أو عدل و يمين أو غير ذلك. و أما دعوى
دلالة قوله تعالى: وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ
مِنْكُمْ [الطلاق: 2] و أمثاله على اعتبار
التعدد في مطلق الشهادة فمدفوع بعدم دلالته على ذلك أصلا، و كذا دعوى أن اعتباره
فيها من المسلمات عندهم لاحتمال استنادهم فيه إلى أمثال ذلك.
إذا
عرفت ذلك فاعلم أن ما يمكن الاستدلال للقول الأخير دعوى