responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فدك المؤلف : التبريزي، الميرزا جواد    الجزء : 1  صفحة : 20

يعمل عليها عمالها ويأتون إليها بحاصلها في حياة النبي صلى الله عليه و آله وهي كانت تتصرف فيها كيفما شاءت، تنفق على نفسها وعيالها أو تتصدق بها على الفقراء والمعوزين.

ولكن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله أرسل أبو بكر جماعة فأخرجوا عمال فاطمة من فدك وغصبوها وتصرفوا فيها تصرفا عدوانيا!

الحكم الفقهي لفدك‌

إذا ادعى شخص أن المال الذي بيد شخص آخر (ذي‌اليد) ملكه في حين أن (ذا اليد) قد يكون تملكه للمال بهبة أو إرث أو غير ذلك ففي هذه الصورة يطلب (ذواليد) بينة على ذلك كما لو ادعى شخص بأن المال الذي‌بيد شخص آخر (ذي‌اليد) قد أوصي به إليه، فالأول مدع والثاني منكر، والقاضي يطلب من المدعي إقامة البينة لإثبات مدعاه.

قال المرحوم النائيني بأن قضية فدك من صغريات هذا المورد[1].


[1] دفع دخل: ربما تتوهم المنافاة بين ماذكرنا: من انقلاب الدعوى في صورة إقرار ذي اليد بأن المال كان للمدعي وبين ماورد في محاجة أمير المؤمنين عليه السلام مع أبي بكر في قصة فدك على مارواه في الاحتجاج مرسلا عن مولانا الصادق عليه السلام في حديث فدك:« أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لأبي‌بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟ قال: لا قال عليه السلام: فإن كان في يد المسلمين شي‌ء يملكونه وادعيت أنا فيه، من تسأل البينة؟ قال: إياك كنت أسأل على ماتدعيه، قال عليه السلام: فإذا كان في يدي شي‌ء فادعى فيه المسلمون تسألني بينة على ما في يدي! وقد ملكته في حياة رسول الله صلى الله عليه و آله وبعده! ولم تسأل المؤمنين على ما ادعوا علي! كما سألتني البينة على ما ادعيت عليهم!» الخبر.

وجه المنافاة: هو أن الصديقة عليها السلام قد أقرت بأن فدكا كان ملكا لرسول الله صلى الله عليه و آله وأدعت أنها نحلة، فلو كان الإقرار موجبا لانقلاب الدعوى وصيرورة ذي‌اليد مدعيا، لكانت مطالبة أبي‌بكر البينة منها عليه السلام في محلها، ولم يتوجه عليه اعتراض أمير المؤمنين عليه السلام بعد البناء على أن ما تركه النبي صلى الله عليه و آله لم ينتقل إلى وارثه بل يكون صدقة للمسلمين لما رووه صلى الله عليه و آله عنه من قوله:« نحن معاشر الأنبياء لا نورث درهما ولا دينارا الخ» فيكون المسلمون بمنزلة الوارث له صلى الله عليه و آله وحيث إن أبابكر ولي المسلمين كان له حق مطالبة البينة من الصديقة عليها السلام على دعواها بأن رسول الله صلى الله عليه و آله قد ملكها فدكا في أيام حياته؛ لأنها صارت مدعية بإقرارها بأن فدكا كانت ملكا لرسول الله صلى الله عليه و آله ولا ينفعها كونها ذي يد.

هذا، ولكن التحقيق في الجواب عن الشبهة، هو أن يقال: إن إقرار الصديقة عليها السلام بأن فدكا كان لرسول الله صلى الله عليه و آله لا يوجب انقلاب الدعوى، فإنه على فرض صحة قوله صلى الله عليه و آله« نحن معاشر الأنبياء لا نورث الخ» لا يكون إقرارها بأن فدكا كانت لرسول الله صلى الله عليه و آله كإقرار ذي‌اليد بأن المال كان لمن يرثه المدعى، فإن انتقال الملك من النبي صلى الله عليه و آله إلى المسلمين ليس كانتقال الملك من المورث إلى الوارث؛ لأن انتقال الملك إلى الوارث إنما يكون بتبدل المالك الذي هو أحد طرفي الإضافة، وأما انتقاله إلى المسلمين فإنما يكون بتبدل أصل الإضافة نظير انتقال الملك من الواهب إلى المتهب ومن الموصي إلى الموصى له.

وتوضيح ذلك: هو أن الملكية عبارة عن الإضافة الخاصة القائمة بين المالك والمملوك، فللملكية طرفان: طرف المالك وطرف المملوك. وتبدل الإضافة قد يكون من طرف المملوك، كما في عقود المعاوضات، فإن التبدل في البيع إنما يكون من طرف المملوك فقط مع بقاء المالك على ما هو عليه، غايته أنه قبل البيع كان طرف الإضافة المثمن، وبعد البيع يقوم الثمن مقامه ويصير هو طرف الإضافة. وقد يكون من طرف المالك كالإرث: فإن التبدل فيه إنما يكون من طرف المالك مع بقاء المملوك على ما هو عليه، غايته أنه قبل موت المورث كان طرف الإضافة نفس المورث وبعد موته يقوم الوارث مقامه ويصير هو طرف الإضافة. وقد يكون بتبدل أصل الإضافة، بمعني أنه تنعدم الإضافة القائمة بين المالك والمملوك وتحدث إضافة اخرى لمالك آخر، كما في الهبة، فإن انتقال المال إلى المتهب بالهبة ليس من قبيل انتقاله بالإرث ولا من قبيل انتقاله بالبيع، بل انتقاله إليه يكون بإعدام الإضافة بين الواهب والموهب وحدوث إضافة اخرى بين المتهب والموهوب، وكما في الوصية، فإن إنتقال المال الموصى به إلى الموصى له في الوصية التمليكية إنما تكون أيضا بإعدام الإضافة بين الوصي والموصى به وحدوث إضافة اخرى بين الموصى له والموصى به.

إذا عرفت، ذلك فنقول: إن انتقال مال كان للنبي صلى الله عليه و آله- إلى المسلمين- بناء على الخبر المجعول- ليس كإنتقاله إلى الوارث، بل هو أشبه بإنتقال المال الموصى به إلى الموصى له، ضرورة أن المسلمين لم يورثوا المال من النبي بحيث يكون سبيلهم سبيل الوراث، بل غايته أن أموال النبي صلى الله عليه و آله تصرف بعد موته في مصالحهم، فإنتقال المال إليهم يكون أسوأ حالا من إنتقال المال إلى الموصى له، ولا أقل من مساواته له، ومن المعلوم: أن إقرار ذي‌اليد بأن المال كان ملكا لما يرثه المدعي إنما أوجب انقلاب الدعوى من حيث إن الإقرار للمورث إقرار للوارث لما عرفت: من قيام الوارث مقام المورث في طرف الإضافة ولذا لو أقر ذواليد بأن المال كان لثالث أجنبي عن المدعي ومورثه لا ينتزع المال عن يده ولا تنقلب الدعوى: وإقرار ذي اليد بأن المال كان للوصي يكون كإقراره بأن المال كان للثالث الأجنبي ليس للموصى له إنتزاع المال عن يده، بدعوى أنه اوصي به إليه

اسم الکتاب : فدك المؤلف : التبريزي، الميرزا جواد    الجزء : 1  صفحة : 20
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست