responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية المؤلف : التبريزي، الميرزا جواد    الجزء : 1  صفحة : 52

الشيطان هو الترك لاالغفلة ولاإذهاب الفكرة. وبعد اتضاح هذا نقول في الجواب عن الاستدلال: إنّ النسيان في الآية المباركة لم يصدر من الرسول (صلى الله عليه وآله) فلم يكن الغرض من خطابه (صلى الله عليه وآله) بذلك هو توجيه التكليف إليه، بل المراد من الخطاب هو جعل التكليف لسائر المؤمنين؛ و ذلك لأن الخطابات القرآنية- كما ذكر أهل البلاغة وأصحاب التفسير- نزلت على نحو «إياك أعني واسمعي يا جارة»[1]، نظير ما إذا أراد الأب أن ينهى أولاده عن فعل شي‌ء قبيح فيوجه الخطاب إلى ولده الأكبر وهو يعلم أنّه لايفعله فيرتدع الباقون، و هذا الأُسلوب في الخطاب من روائع الكلام ولطف الحديث، فإنّ توجيه النهي لأقرب الناس من المتكلم- مع ثقته به واطمئنانه بعدم قيامه بالفعل المنهي عنه- موجب لردع الآخرين وزجرهم بنحو أقوى من اختصاص الخطاب بغيره وتوجيهه إلى الآخر المقصود بالنهي، والمسوغ لهذا اللون من الخطاب مع علم المتكلم بعدم عصيان المخاطب هو وجود ملاك النهي فيه، أعني القدرة على المخالفة والعصيان، وإلّا كان الخطاب لغواً. وكذلك الأمر في الخطابات القرآنية ومنها الآية الكريمة المذكورة، فإنّ المصحح لها مع علمه تبارك وتعالى بعصمة النبي (صلى الله عليه وآله) ونزاهته هو وجود ملاك النهي فيه، وهو قدرته على المخالفة والمعصية، إذ العصمة لاتسلب المعصوم قدرته على المخالفة كما قدمنا الكلام فيها؛ فاللّه سبحانه وتعالى يوجّه الخطاب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) بعدم الجلوس في المكان الذي يساء فيه إلى القرآن والدين حتى يعلم الناس بعدم جواز الجلوس في مثل ذلك المكان، وأنّ هذا الحكم موجّه للجميع من دون أن يراد (صلى الله عليه وآله) بقوله تعالى: (وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ)[2].


[1] مروي عن ابن عباس.

[2] وهناك آيات كثيرة بهذا النحو منها:

-( وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ).( سورة البقرة: الآية 120).

-( وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى‌ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً).( سورة الإسراء: الآية 39).

-( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ).( سورة الأحزاب: الآية 1).

-( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ).( سورة الزمر: الآية 65).

اسم الکتاب : الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية المؤلف : التبريزي، الميرزا جواد    الجزء : 1  صفحة : 52
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست