انتزاع اعتراف و إقرار منه بذلك، فيكون
الاستناد إليهما لا إلى مجرّد دعوى العلم على المتّهم، و لا فرق في ذلك بين أن
يكون علمه المدّعى حاصلًا له بالحسّ و المشاهدة أو بغيره من موجبات العلم؛ فإنّ
العلم الحسّي أو القريب منه و إن كان أثبت و آكد في الحجّية القضائية من العلم
الحدسي إلّا أنّ من المحتمل أن تكون نكتته الحجّية القضائية الحسيّة، بمعنى قابلية
الإثبات للآخرين في المحكمة و دفع التهمة عن القاضي لا حسّية العلم في نفسه
للعالم، و هذا لا يكون في مجرّد دعوى العلم الحسيّ و المشاهدة من قبل القاضي، كما
لا يخفى.
نعم، مع حصول العلم الشخصي للقاضي تسقط حجّية البيّنة و اليمين؛ إذ
يكونا كذبين بحسب نظره، فلا يمكن أن يكون حجّة؛ لأنّ طريقيتهما ملحوظة أيضاً في
حجّيتهما القضائية في الجملة، فلا يمكنه الحكم على طبقهما، كما ذكره الجواهر، و قد
تقدّم في صدر المسألة الإشارة إلى ذلك أيضاً.
[أدلّة عدم حجّية علم القاضي]
أدلّة عدم حجّية علم القاضي الشخصي:
ثمّ إنّه قد يستدلّ على عدم نفوذ علم القاضي الشخصي بوجوه اخرى:
الوجه الأوّل
: ما قد يظهر من كلمات ابن الجنيد من أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه
و آله و سلم كان يكتفي في ترتيب آثار الإسلام بالظاهر، و لم يكن يجري وفق علمه
بحقائق الناس، و كذلك الحال في المرافعات، و إنّما كان يقضي وفق البيّنات و
الايمان، و هذا يدلّ على عدم حجّية علم القاضي الشخصي في القضاء.
و هذا الوجه واضح الضعف. و قد اجيب عليه في كلمات السيّد المرتضى قدس
سره و من تأخّر عنه باحتمال الفرق بين باب القضاء و باب ترتيب آثار الإسلام من
الطهارة و مصونيّة الدم و المال و نحو ذلك، فيكتفى بالظاهر في الثاني، بخلاف
الأوّل الذي يطلب فيه الوصول إلى الحقّ و الواقع.
على أنّ احتمال كون موضوع تلك الآثار هو إظهار الإسلام- و لو كان في
علم اللَّه و الرسول كاذباً- متّجه. نعم الثابت أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و
سلم و غيره من المعصومين عليهم السلام لم