حقوق اللَّه على الأقلّ؛ لما ورد في صدر
الحديث من أنّ الإمام يقيم الحدّ مع علمه و لا يحتاج إلى بيّنة مع نظره، فإن لم
نحتمل الفرق بين حقوق اللَّه و حقوق الناس بأن يكون القضاء بالعلم في الأوّل
جائزاً دون الثاني ثبت جوازه في القسمين لا محالة، أي في الأوّل بالمطابقة و في
الثاني بالملازمة أو عدم القول بالفصل- كما تقدّم عن السيّد المرتضى قدس سره- و لا
ينافي ذلك ذيل الحديث من أنّ الحقّ إذا كان للناس فهو للناس؛ إذ المقصود منه لزوم
المطالبة في حقوق الناس لا البيّنة، كما هو واضح. و إن احتملنا الفرق كانت الرواية
دليلًا على جواز القضاء بالعلم في خصوص حقوق اللَّه.
و نلاحظ على هذا الاستدلال: بأنّ الوارد في
الرواية أنّ «الواجب على الإمام إذا نظر إلى رجل يزني أو يشرب الخمر أن يقيم عليه
الحدّ». و هذا التعبير ظاهر في الإمام المعصوم بقرينة ما جاء بعده من التعليل
بقوله: «لأنّه أمين اللَّه في خلقه» فإنّ هذا الوصف من مختصّات المعصومين عليهم
السلام في ألسنة رواياتنا، و لهذا فهمَ مشهور أصحابنا منه ذلك، فجعلوا الرواية
دليلًا على نفوذ علم الإمام المعصوم.
و لو تنزّلنا عن ذلك و افترضنا إرادة مطلق الإمام و الحاكم الشرعي
فلا ينبغي الشكّ في أنّ المراد منه ولي الأمر لا كلّ قاضي. كما أنّ الظاهر من
قوله: «إذا نظر إلى رجل يزني» أن يشاهد الإمام وقوع المنكر و المخالفة في الخارج،
لا مجرّد العلم بصدوره من المتّهم في الخفاء مثلًا، و عندئذٍ يكون هذا الحكم من
الأحكام المرتبطة بصلاحيات ولي الأمر بالخصوص و مسئوليّته تجاه المجتمع و الحيلولة
دون وقوع المنكرات الظاهرة فيه، و ليس مربوطاً بمسألة القضاء و جواز الاستناد فيه
إلى العلم.
و إن شئت قلت: إنّها صلاحية إجرائية لولي الأمر و ليست قضائية، و لو
تنزّلنا عن ذلك فغايته جواز القضاء بالعلم الحاصل من الشهود و النظر أي العلم
الحسّي لا الحدسي، فتدبّر جيّداً.
و منها: ما ورد بشأن قصّة النبيّ صلى الله عليه
و آله و سلم في شرائه للناقة من الأعرابي، و قد