و قد ورد في التفسير المنسوب إلى الإمام
العسكري عليه السلام، عن آبائه عن عليّ ابن الحسين عليه السلام قال: « «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي
الْقَتْلى» يعني المساواة و أن يسلك
بالقاتل في طريق المقتول المسلك الذي سلكه به من قتله ...» ([1]).
و قد ورد في خبر السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «رفع إلى
أمير المؤمنين عليه السلام رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه فقضى عليه أن يداس
بطنه حتى يحدث في ثيابه كما أحدث أو يغرم ثلث الدية» ([2]).
و الحاصل من مجموع ما تقدّم يمكن أن نستكشف أنّ المماثلة في أصل
الإيلام و الاحساس بالأذى بالمقدار الذي تقتضيه الجناية عادة من حقّ المجني عليه
أو وليّه في باب القصاص فيمكنه أن يطالب به، و لا يمكن للجاني أن يمتنع عنه.
و أمّا ما تقدّم في صحيح الحلبي فلا يستفاد منه أكثر من النهي عن
التمثيل أو التلذّذ بالقاتل في مقام القصاص نتيجة الحمية و الغضب و حبّ الانتقام-
كما هو الغالب- و ليس مفادها نفي اشتراط المماثلة أو حقّ المقابلة بالمثل، فلم
يجوّز الإمام عليه السلام في مورد الرواية أن يقتله بالعصا كما فعل الجاني؛ لأنّه
في معرض التلذّذ و التمثيل به، سيّما و هو لا يدري كيف ضربه بالعصا و كم ضربه حتى
مات. على أنّه وارد في خصوص القتل و إزهاق الروح و أنّه يشترط فيه القتل بالسيف
دون سائر الطرق غير المتعارفة للقتل كالضرب بالعصا و إن كانت الجناية به، فلا تدلّ
على سقوط المساواة و المماثلة في سائر الجهات، و التي من أهمّها الاحساس بألم
الجناية، خصوصاً في باب الجروح و قصاص الأطراف. و الحمد للَّه ربّ العالمين، و
الصلاة و السلام على سيّدنا محمّد و آله الطيّبين الطاهرين.