فالبيع الفضوليّ لا يكفي على تقدير كون الاذن سببا لا كاشفا بل كاشفا أيضا
وهو ظاهر على أنّه لا معنى للكشف وهو ظاهر ، وقد بيّنته في تعليقات القواعد
والإرشاد ، وأيضا تدلّ على حصول الملك وجواز التصرف بمحض العقد قبل التفرّق ومضيّ
زمان الخيار ، إذ الظاهر من التراضي ما ذكرناه ، وقال في مجمع البيان : قيل : للتراضي
معنيان أحدهما أنّه إمضاء البيع بالتفرّق أو التخاير إلى قوله ومذهب الشافعيّة
والإماميّة بعد العقد ، والثاني أنّه البيع بالعقد فقطّ ، والعبارة لا تخلو عن
مسامحة ، ولعلّ مراده بالأوّل بقاء الرضا إلى أن يلزم البيع مع خيار المجلس
بالفرقة ، ومع غيره باختيار العقد والتزامه ، وبالثاني العقد بالرضا حال العقد
فقطّ كما قلناه ونقلناه عن الكشّاف ومجمع البيان أيضا وهو الظاهر المتبادر من
الآية ولا ينافيه عدم اللّزوم بدليل في زمان الخيار ، فلا يقتضي مذهب الشافعيّة
والإماميّة المعنى الأوّل.
(وَلا تَقْتُلُوا
أَنْفُسَكُمْ) يدلّ على تحريم قتل الإنسان نفسه ، وقيل المراد إيقاعها
في التهلكة أو في العذاب بأكل مال الناس ظلما ، أو قتل البعض بعضا ، ويحتمل إرادة
الجرح والضرب ، فانّ القتل بمعنى الجرح والضرب غير بعيد ، وقالوا بتحريم جرح
الإنسان نفسه (وَمَنْ يَفْعَلْ
ذلِكَ) أي قتل النفس أو ما سبق من المحرّمات (عُدْواناً وَظُلْماً) أي إفراطا في التجاوز عن الحقّ وإتيانا بما لا يستحقّ ،
وقيل أراد بالعدوان التعدّي على الغير ، وبالظلم على نفسه. (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ
عَلَى اللهِ يَسِيراً) فتدلّ على كون القتل كبيرة ، ولو كان راجعا إلى أكل
المال بالباطل أيضا يكون هو أيضا كذلك.