أي فرض الله
تعالى وأوجب عليكم الجهاد مع الكفّار والحال أنّ ذلك شاقّ عليكم ، فأطلق المصدر
على المفعول للمبالغة ، بمعنى أنّه مخالف لطباعكم وصعب عليكم من جهة أنّ البشر خلق
على أن يحبّ السهولة والحياة والمستلذّات ، والجهاد ينافي ذلك كلّه. أو يكون بمعنى
أنّه كان كرها لكم قبل التكليف والأمر به ، أو يكون بمعنى الإكراه مجازا كأنّهم
أكرهوا عليه لشدّة مشقّته مثل (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ
كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً)[٢].
(وَعَسى أَنْ
تَكْرَهُوا) معناه تكرهوا (شَيْئاً) في الحال بالنّظر إلى الطّبع (وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) في المآل كما تكرهون الجهاد لما فيه من المخاطرة
بالرّوح ، وهو خير لكم لأنّ لكم في الجهاد إحدى الحسنيين إمّا الظفر والغنيمة مع
ثواب المجاهدين وإمّا الشهادة والجنّة في الحال ، من غير انتظار للقيامة ، كما هو
المشهور في الشهداء (وَعَسى أَنْ
تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) مثل أن تحبّوا ترك الجهاد لمحبّة الحياة