روي أنّ
أعرابيّا قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله أقريب ربّنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فنزلت [٢]. النداء للبعيد المحتاج إلى رفع الصوت والمناجاة للقريب
الّذي لا يحتاج إلى ذلك والخطاب له صلىاللهعليهوآله والتقدير فقل لهم إنّي قريب ـ وهو تمثيل لكمال علمه
بأفعال العباد واطّلاعه على أحوالهم ـ بحال من قرب مكانه منهم ، يعني إذا سألك
عبادي ـ وفي هذه الإضافة تشريف لهم ـ عن كيفيّة أحوالي من جهة القريب والبعد فقل
إنّي عليم أعلم دعاءكم ، ولو كان في غاية الخفاء كما يسمع القريب إذا قرب فمه إلى
اذنه يناجيه ، بل أقرب من حبل الوريد ، فأقبل دعاء الداعي إذا دعاني ، ولعلّ «ذكر
إذا دعان» للتحريص في الدعاء والترغيب في التكرار ، وتعريف الداعي إشارة إلى داع
خاصّ وهو الّذي يدعو متيقّنا للإجابة ، ويطلب ما له فيه المصلحة ، لا المحرّم ،
ولا ما لا يليق بحاله وليس فيه المصلحة ، أو يكون إلى الجنس ، وبالجملة إنّ الله
يعلم المصلحة ويستجيب معها ، ولا يستجيب بدونها ، ويعجّل ويؤخّر لذلك ولو لم يستجب
يعوّض ويثيب في الدّنيا والآخرة فعلى تقدير عدم الإجابة لا ينبغي الترك واليأس ،
فإنّ ذلك للمصلحة.
فاندفع بما
قرّرناه السؤال المشهور كما ذكره المفسّرون أيضا.
وبعد أن وعد
بالإجابة والقبول قال (فَلْيَسْتَجِيبُوا
لِي) أي أقبلوا أنتم أيضا دعوتي إذا دعوتكم وأمرتكم بالطاعات
والدعاء ، فاطلبوا واسألوا تضرّعا وخفية لا بقلب ساه وغير متوجّه ، ومتعقّل لمعنى
ما تقولون ، ولا جهرا ورياء فانّ الله لا يحبّ المعتدين واطلبوا ولا تستكبروا ولا
تتركوا الدعاء استكبارا وتجبّرا ، وعدم اعتقاد