خَلْقِ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآية ثمّ قال : ويل لمن قرأها ولم يتفكّر فيها ، وروي
ويل لمن لاكها بين فكّيه ولم يتأمّلها.
وفي هذه دلالة
على أنّ العبد الشكور هو الّذي يبكي كثيرا وأنّه ينبغي الاذن من الزوجة إن أراد
القيام للعبادة في ليلتها ، فكأنّه تجب المضاجعة طولها وأنّه لا يضرّ البكاء
والدعاء بحضور الزوجة والأصحاب ، ولا ينافي الخفية الّتي هي مطلوبة في الدعاء ،
وعلى الوعيد في عدم التأمّل في معنى الآية ، وعدم التفكّر فيما يدلّ على صفاته ،
وكأنّه يشعر بوجوب المعرفة بالدّليل ولا يضرّ عدم العلم بسند الرواية فتأمّل.
(رَبَّنا ما خَلَقْتَ
هذا باطِلاً) كأنّه حال عن فاعل (يَتَفَكَّرُونَ) أي يتفكّرون قائلين ربّنا و «هذا» إشارة إلى المخلوق
المذكور من السموات والأرض أو الخلق بمعناه [١] أو إليهما يعني ليس ما خلقت عبثا لا حكمة ولا فائدة ولا
غرض فيه ، بل فيه حكمة عظيمة ، ومصالح كثيرة ، من جملتها كونها دليلا على التوحيد
والعلم والقدرة والإرادة وغير ذلك من الصفات ، وكون الأرض مبدءا لوجود الإنسان
وسببا لاستقراره ، وترتّب الفوائد الّتي يراها يترتّب على خلق الأرض والسماء
واختلاف الليل والنهار ، الّتي لا يحصيها إلّا الله ، فيمكن أن يستدلّ بها على أنّ
أفعال الله تعالى معلّلة بالأغراض الحاصلة للعباد ، فلا يجب عود الغرض من الفعل
إلى فاعله ، وهو ظاهر ، وفيها حكم ومصالح ، وأنّ الباطل والعبث محال عليه وأنّه
مذموم وقبيح ، وأنّه منزّه عنه كما أشار إليه بقوله (سُبْحانَكَ) أي ننزّهك تنزيها من العبث والباطل.
(فَقِنا عَذابَ
النَّارِ) إشارة إلى أنّ مجرّد العلم بفائدة الخلق ، يدلّ على
استحقاق العبادة وحسن التكليف والعقاب بتركها ، والتقصير في التفكّر وغيره ممّا
يستحقّ وأنّ له المغفرة والعفو ، وأنّه قادر على ذلك ولا قبح فيها ، وأنّه لا بدّ
لطلبها من العلم بما تقدّم ، فلا بدّ من الايمان والعلم بأنّه لم يفعل عبثا وباطلا
و