responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 1  صفحة : 310
وتكذيب الكتاب والرسول، عن الحسن، وأبي مسلم. وقيل: بما كتموا من صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عن ابن جريج. وأضاف ذلك إلى اليد، وإن كانوا إنما فعلوا ذلك باللسان، لأن العرب تقول: هذا ما كسبت يداك، وإن كان ذلك حصل باللسان. والوجه فيه أن الغالب أن تحصل الجناية باليد، فيضاف بذلك إليها ما يحصل بغيرها.
وقوله: (والله عليم بالظالمين) خصص الظالمين بذلك، وإن كان عليما بهم وبغيرهم، بأن الغرض بذلك الزجر والتهديد، كما يقول الانسان لغيره: إني عارف بصير بعملك. وقيل: معناه إن الله عليم بالأسباب التي منعتهم عن تمني الموت، وبما أضمروه وأسروه من كتمان الحق عنادا، مع علم كثير منهم أنهم مبطلون.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: " لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ولرأوا مقاعدهم من النار، فقال الله سبحانه إنهم لن يتمنوه أبدا تحقيقا لكذبهم ". وفي ذلك أعظم دلالة على صدق نبينا وصحة نبوته، لأنه أخبر بالشئ قبل كونه، فكان كما أخبر. وأيضا فإنهم كفوا عن التمني للموت، لعلمهم بأنه حق، وأنهم لو تمنوا الموت لماتوا. وروى الكلبي عن ابن عباس أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لهم: " إن كنتم صادقين في مقالتكم، فقولوا اللهم أمتنا، فوالذي نفسي بيده، لا يقولها رجل إلا غص بريقه [1] فمات مكانه ". وهذه القصة شبيهة بقصة المباهلة، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما دعا النصارى إلى المباهلة، امتنعوا لقلة ثقتهم بما هم عليه، وخوفهم من صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: (لو باهلوني لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا " فلما لم يتمن اليهود الموت افتضحوا، كما أن النصارى لما أحجموا عن المباهلة افتضحوا، وظهر الحق.
فإن قيل: من أين علمتم أنهم لم يتمنوا الموت بقلوبهم؟ فالجواب: إن من قال التمني هو القول، فالسؤال ساقط عنه. ومن قال هو معنى في القلب، قال:
لو تمنوه بقلوبهم لأظهروه بألسنتهم، حرصا منهم على تكذيبه في اخباره، ولأن تحديهم بتمني الموت إنما وقع بما يظهر على اللسان، وكان يسهل عليهم أن يقولوا ليت الموت نزل بنا. فلما عدلوا عن ذلك، ظهر صدقه صلى الله عليه وآله وسلم ووضحت حجته.


[1] غص بريقه: اعترض في حلقه.


اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 1  صفحة : 310
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست