responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 9  صفحة : 283

ما يفيده السياق ، وأما قول بعضهم : إن المراد به ما أيده بالجنود يوم الأحزاب ويوم حنين على ما نطقت به الآيات فمما لا دليل عليه من اللفظ البتة.

والأمر الثالث : أن المراد بالكلمة في قوله : « وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى » ، هو ما قضوا به في دار الندوة وعزموا عليه من قتله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإبطال دعوته الحقة بذلك ، وبقوله : « وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا » هو ما وعد الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله من النصر وإظهار دينه على الدين كله.

وذلك أن هذه الآية بما تتضمنه من قوله : « فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا » تشير إلى ما يقصه قوله تعالى : « وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ » : الأنفال : ـ ٣٠ ، والذي في ذيل الآية من إبطال كلمتهم وإحقاق الكلمة الإلهية مرتبط بما في صدر الآية من حديث الإخراج أي الاضطرار إلى الخروج لا محالة ، والذي اضطره صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الخروج هو عزمهم على قتله حسب ما اتفقوا عليه من القضاء بقتله فهذه هي الكلمة التي أبطلها الله سبحانه وجعلها السفلى وتقابلها كلمة الله وليست إلا النصر والإظهار.

ومن هنا يظهر أن قول بعضهم إن المراد بكلمة الذين كفروا الشرك والكفر ، وبكلمة الله تعالى التوحيد والإيمان غير سديد فإن الشرك وإن كان كلمة لهم ، والتوحيد كلمة لله لكنه لا يستلزم كونهما المرادين كلما ذكرت الكلمتان حتى مع وجود القرينة على الخلاف.

قوله تعالى : « انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ » الخفاف والثقال جمعا خفيف وثقيل ، والثقل بقرينة المقام كناية عن وجود الموانع الشاغلة الصارفة للإنسان عن الخروج إلى الجهاد نظير كثرة المشاغل المالية وحب الأهل والولد والأقرباء والأصدقاء الذي يوجب كراهة مفارقتهم ، وفقد الزاد والراحلة والسلاح ونحو ذلك ، والخفة كناية عن خلاف ذلك.

فالأمر بالنفر خفافا وثقالا وهما حالان متقابلان في معنى الأمر بالخروج على أي حال ، وعدم اتخاذ شيء من ذلك عذرا يعتذر به لترك الخروج كما أن الجمع بين الأموال والأنفس في الذكر في معنى الأمر بالجهاد بأي وسيلة أمكنت.

وقد ظهر بذلك أن الأمر في الآية مطلق لا يأبى التقييد بالأعذار التي يسقط

اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 9  صفحة : 283
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست