responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 6  صفحة : 340

كل ذي شعور وإرادة ـ عبد لله سبحانه بحقيقة معنى العبودية فإن الله سبحانه مالك كل ما يسمى شيئا بحقيقة معنى الملك فلا يملك شيء من نفسه ولا من غيره شيئا من ضر ولا نفع ولا موت ولا حياة ولا نشور ، ولا يستقل أمر في الوجود بذات ولا وصف ولا فعل اللهم إلا ما ملكه الله ذلك تمليكا لا يبطل بذلك ملكه تعالى ، ولا ينتقل به الملك عنه إلى غيره بل هو المالك لما ملكهم ، والقادر على ما عليه أقدرهم ، وهو على كل شيء قدير ، وبكل شيء محيط.

وهذه السلطة الحقيقية والملك الواقعي هي المنشأ لوجوب انقيادهم لما يريده منهم بإرادته التشريعية ، وما يصنع لهم من شرائع الدين وقوانين الشريعة مما يصلح به أمرهم وتحاز به سعادتهم في الدارين.

والحاصل أنه تعالى هو المالك لهم ملكا تكوينيا يكونون به عبيده الداخرين لقضائه سواء عرفوه أم جهلوه أطاعوه في تكاليفه أم عصوه وهو المالك لهم ملكا تشريعيا يوجب له عليهم السمع والطاعة ، ويحكم عليهم بالتقوى والعبادة.

ويتميز هذا الملك والمولوية بحسب الحكم عن الملك والمولوية الدائر بين الناس ـ وكذا العبودية المقابلة له ـ بأن الله سبحانه لما كان مالكا تكوينا على الإطلاق لا مالك سواه لم يجز في مرحلة العبودية التشريعية اتخاذ مولى سواه ولا عبادة أحد غيره قال تعالى : « وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ » : الإسراء : ٢٣ بخلاف الموالي من الناس فإن الملك هناك لمن غلب بسبب من أسباب الغلبة.

وأيضا لما لم يكن في عبيده تعالى المملوكين شيء غير مملوك له تعالى ولم ينقسموا في وجودهم إلى مملوك وغير مملوك بل كانوا من حيث ذواتهم وأوصافهم وأحوالهم وأعمالهم مملوكين له تكوينا تبع ذلك التشريع فحكم فيهم بدوام العبودية واستيعابها لجميع ما يرجع إليهم بوجه من الوجوه فلا يسعهم أن يعبدوا الله من جهة بعض ما يرجع إليهم دون بعض مثل أن يعبدوه باللسان دون اليد كما لا يسعهم أن يجعلوا بعض عبادتهم لله تعالى وبعضها لغيره وهذا بخلاف المولوية الدائرة بين الناس فلا يسع للمولى عقلا أن يفعل ما يشاء ، تأمل فيه.

وهذا هو الذي يدل على إطلاق أمثال قوله تعالى : « ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ » : السجدة : ٤ وقوله تعالى : « (وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى

اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 6  صفحة : 340
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست