اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 6 صفحة : 177
وقد روي في
الدر المنثور ، عن مفسري السلف قول جمع منهم بذلك كابن مسعود وابن عمر وأبي بن كعب
وابن عباس ومكحول ، وما روي في ذلك من الروايات عن النبي صلىاللهعليهوآله غير دالة على ذلك.
وهي ما عن
الترمذي وصححه وابن ماجة وابن جرير والبغوي في معجمه وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي أمية
الشعباني قال : أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له : كيف تصنع هذه الآية؟ قال : أية
آية؟ قال : [١] قوله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ
أَنْفُسَكُمْ ـ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ » قال : أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت عنها رسول
الله صلىاللهعليهوآله ـ قال : بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ـ حتى إذا رأيت شحا مطاعا ،
وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ـ فعليك بخاصة نفسك ودع عنك
أمر العوام ـ فإن من ورائكم أيام الصبر ، الصابر فيهن كالقابض على الجمر ، للعامل
فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم.
أقول : وفي هذا
المعنى ما رواه ابن مردويه عن معاذ بن جبل عنه صلىاللهعليهوآله ، والرواية إنما تدل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر لم يرتفعا بالآية.
وفي الدر
المنثور ، : أخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي عامر الأشعري :
أنه كان فيهم شيء فاحتبس على رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ ثم أتاه فقال : ما حبسك؟ قال : يا رسول الله قرأت هذه الآية : « يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ـ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا
اهْتَدَيْتُمْ » قال : فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : أين ذهبتم؟ إنما هي : لا يضركم من ضل من الكفار إذا
اهتديتم.
أقول
: والرواية كما
ترى تخص الأمر في الآية بالترخيص في ترك دعوة الكفار إلى الحق وتصرفها عن الترخيص
في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفروع مع أن آيات وجوب الدعوة وما
يتبعها من آيات الجهاد ونحوها لا تقصر في الإباء عن ذلك عن آيات الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر.