في الدر
المنثور ، أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه
عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا ، وكانوا يستخفون بالإسلام ، فأخرجهم
المشركون معهم يوم بدر ، فأصيب بعضهم ، وقتل بعض ، فقال المسلمون : قد كان أصحابنا
هؤلاء مسلمين ، وأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت هذه الآية : « إِنَّ الَّذِينَ
تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ » ـ إلى آخر الآية.
قال : فكتب إلى
من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية ، وأنه لا عذر لهم فخرجوا فلحقهم المشركون ،
فأعطوهم الفتنة فأنزلت فيهم هذه الآية ، « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ
، فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ » إلى آخر الآية ، فكتب المسلمون إليهم بذلك فحزنوا ، وأيسوا من كل خير
فنزلت فيهم ، « ثُمَّ
إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ، ثُمَّ جاهَدُوا
وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ » ، فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجا ،
فاخرجوا فخرجوا فأدركهم المشركون ـ فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل.
وفيه ، أخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك: في الآية قال هم أناس من المنافقين ، تخلفوا عن
رسول الله صلىاللهعليهوآله بمكة ، فلم يخرجوا معه إلى المدينة ، وخرجوا مع مشركي
قريش إلى بدر ، فأصيبوا يوم بدر فيمن أصيب ، فأنزل الله فيهم هذه الآية.
وفيه ، أخرج
ابن جرير عن ابن زيد: في الآية قال : لما بعث النبي صلىاللهعليهوآله وظهر ، ونبع الإيمان نبع النفاق معه ، فأتى إلى رسول
الله صلىاللهعليهوآله رجال ، فقالوا : يا رسول الله لو لا أنا نخاف هؤلاء
القوم يعذبونا ، ويفعلون ويفعلون لأسلمنا ، ولكن نشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك
رسول الله فكانوا يقولون ذلك له ، فلما كان يوم بدر قام المشركون ، فقالوا لا
يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره واستبحنا ماله ، فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك
القول للنبي صلىاللهعليهوآله ، معهم فقتلت طائفة منهم ، وأسرت طائفة.
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 5 صفحة : 55