responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 5  صفحة : 103

قوله تعالى : « وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ » ، تأكيد في دعوتهم إلى مراعاة صفة التقوى في جميع مراحل المعاشرة الزوجية ، وفي كل حال ، وأن في تركه كفرا بنعمة الله بناء على أن التقوى الذي يحصل بطاعة الله ليس إلا شكرا لأنعمه ، أو أن ترك تقوى الله تعالى لا منشأ له إلا الكفر إما كفر ظاهر كما في الكفار والمشركين ، أو كفر مستكن مستبطن كما في الفساق من المؤمنين.

وبهذا الذي بيناه يظهر معنى قوله « وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ » ، أي إن لم تحفظوا ما وصينا به إياكم والذين من قبلكم وأضعتم هذه الوصية ولم تتقوا وهو كفر بالله ، أو عن كفر بالله فإن ذلك لا يضر الله سبحانه إذ لا حاجة له إليكم وإلى تقواكم ، وله ما في السماوات والأرض ، وكان الله غنيا حميدا.

فإن قلت : ما وجه تكرار قوله « لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ »؟فقد أورد ثلاث مرات.

قلت : أما الأول فإنه تعليل لقوله « وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً » ، وأما الثاني فإنه واقع موقع جواب الشرط في قوله « وَإِنْ تَكْفُرُوا » ، والتقدير : وإن تكفروا فإنه غني عنكم ، وتعليل للجواب وقد ظهر في قوله « وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً ».

وأما الثالث فإنه استيناف وتعليل بوجه لقوله « إِنْ يَشَأْ ».

قوله تعالى : « وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً » قد مر بيان معنى ملكه تعالى مكررا ، وهو تعالى وكيل يقوم بأمور عباده وشئونهم وكفى به وكيلا لا يحتاج فيه إلى اعتضاد وإسعاد ، فلو لم يرتض أعمال قوم وأسخطه جريان الأمر بأيديهم أمكنه أن يذهب بهم ويأتي بآخرين ، أو يؤخرهم ويقدم آخرين ، وبهذا المعنى الذي يؤيده بل يدل عليه السياق يرتبط بما في هذه الآية قوله في الآية التالية « إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ».

قوله تعالى : « إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ » ، السياق وهو الدعوة إلى ملازمة التقوى الذي أوصى الله به هذه الأمة ومن قبلهم من أهل الكتاب يدل على أن إظهار الاستغناء وعدم الحاجة المدلول عليه بقوله « إِنْ يَشَأْ » ، إنما هو في أمر التقوى.

والمعنى أن الله وصاكم جميعا بملازمة التقوى فاتقوه ، وإن كفرتم فإنه غني عنكم

اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 5  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست