responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 4  صفحة : 202

أحكام الأعمال في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

الناس يتسلمون في الجملة أن الإنسان إنما يجني ثمر عمله وأن المحسن الخير من الناس يسعد في حياته ، والظلوم الشرير لا يلبث دون أن يذوق وبال عمله ، وفي القرآن الكريم آيات تدل على ذلك بإطلاقها كقوله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ) : ـ حم السجدة ٤٦ ، وقوله : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) : ـ الزلزال : ٨ ، وكذا قوله تعالى : ( قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) : ـ يوسف : ٩٠ ، وقوله : ( لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ ) : ـ الحج : ٩ ، وقوله ( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) الآية : ـ الشورى : ٣٠ ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الخير والشر من العمل له نوع انعكاس وارتداد إلى عامله في الدنيا.

والسابق إلى أذهاننا ـ المأنوسة بالأفكار التجربية الدائرة في المجتمع ـ من هذه الآيات أن هذا الانعكاس إنما هو من عمل الإنسان إلى نفسه إلا أن هناك آيات دالة على أن الأمر أوسع من ذلك ، وأن عمل الإنسان خيرا أو شرا ربما عاد إليه في ذريته وأعقابه قال تعالى : ( وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) : ـ الكهف : ٨٢ ، فظاهر الآية أن لصلاح أبيهما دخلا فيما أراده الله رحمة بهما ، وقال تعالى ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ ) الآية.

وعلى هذا فأمر انعكاس العمل أوسع وأعم ، والنعمة أو المصيبة ربما تحلان بالإنسان بما كسبت يدا شخصه أو أيدي آبائه.

والتدبر في كلامه تعالى يهدي إلى حقيقة السبب في ذلك فقد تقدم في الكلام على الدعاء في الجزء الثاني من هذا الكتاب في قوله تعالى : ( وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي ) : ـ البقرة : ١٨٦ ، دلالة كلامه تعالى على أن جميع ما يحل الإنسان من جانبه تعالى إنما هو لمسألة سألها ربه ، وأن ما مهده من مقدمة وداخله من الأسباب سؤال منه لما ينتهي إليه من الحوادث والمسببات قال تعالى : ( يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) : ـ الرحمن : ٢٩ ، وقال تعالى : ( وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ

اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 4  صفحة : 202
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست