اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 3 صفحة : 38
والمتشابه ، وكلاهما
مما يمكن أن يحصل به العلم ، والذي لا يمكن نيله والعلم به هو تأويل المتشابهات بمعنى
حقيقة المعاني التي تدل عليها أمثال آيات الصفات ، فهب أنّا علمنا معنى قوله : إن الله
على كل شيء قدير ، وإن الله بكل شيء عليم ونحو ذلك لكنا لا ندري حقيقة علمه وقدرته
وسائر صفاته وكيفية أفعاله الخاصة به ؛ فهذا هو تأويل المتشابهات الذي لا يعلمها إلا
الله تعالى ، انتهى ملخصاً ، وسيأتي ما يتعلق بكلامه من البحث عند ما نتكلم في التأويل
إنشاء الله.
الثالث
عشر : أن المحكم ما للعقل إليه سبيل والمتشابه
بخلافه.
وفيه : أنه قول من غير دليل ، والآيات القرآنية
وإن انقسمت إلى ما للعقل إليه سبيل وما ليس للعقل إليه سبيل ، لكن ذلك لا يوجب كون
المراد بالمحكم والمتشابه فيهذه الآية استيفاء هذا التقسيم ، وشيء مما ذكر فيها من
نعوت المحكم والمتشابه لا ينطبق عليه انطباقاً صحيحاً على أنه منقوض بآيات الأحكام
فإنها محكمة ولا سبيل للعقل إليها.
الرابع
عشر : أن المحكم ما اريد به ظاهره والمتشابه ما
اريد به خلاف ظاهره ، وهذا قول شائع عند المتأخرين من أرباب البحث ، وعليه يبتني اصطلاحهم
في التأويل : أنه المعنى المخالف لظاهر الكلام ، وكأنه ايضا مراد من قال : إن المحكم
ما تأويله تنزيله : والمتشابه ما لا يدرك إلا بالتأويل.
وفيه : أنه اصطلاح محض لا ينطبق عليه ما
في الآية من وصف المحكم والمتشابه فإن المتشابه إنما هو متشابه من حيث تشابه مراده
ومدلوله ، وليس المراد بالتأويل المعنى المراد من المتشابه حتى يكون المتشابه متميزاً
عن المحكم بأن له تأويلاً ، بل المراد بالتأويل في الآية أمر يعم جميع الآيات القرآنية
من محكمها ومتشابهها كما مر بيانه على أنه ليس في القرآن آية اريد فيها ما يخالف ظاهرها
، وما يوهم ذلك من الآيات إنما اريد بها معان يعطيها لها آيات اخر محكمة والقرآن يفسر
بعضه بعضاً ، ومن المعلوم أن المعنى الذي تعطيه القرائن ـ متصلة أو منفصلة ـ للفظ ليس
بخارج عن ظهوره وبالخصوص في كلام نص متكلمه على أن ديدنه أن يتكلم بما يتصل بعضه ببعض
، ويشهد بعضه على بعض ويرتفع كل اختلاف وتناف مترائي بالتدبر ، فيه قال تعالى : (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ
الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً
) النساء ـ ٨٢
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 3 صفحة : 38