اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 19 صفحة : 193
بالله واليوم الآخر يمنع عن موادة من يحاد الله ورسوله كائنا من كان ،
وتمدح المؤمنين المتبرئين من أعداء الله وتعدهم إيمانا مستقرا وروحا من الله وجنة
ورضوانا.
قوله تعالى : « أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ » إلخ ، القوم المغضوب عليهم هم اليهود ، قال تعالى : « مَنْ لَعَنَهُ اللهُ
وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ
الطَّاغُوتَ »المائدة : ٦٠.
وقوله : « ما هُمْ مِنْكُمْ
وَلا مِنْهُمْ » ضمير «
عَلَيْهِمْ » للمنافقين وضمير «
مِنْهُمْ » لليهود ،
والمعنى : أن هؤلاء المنافقين لتذبذبهم بين الكفر والإيمان ليسوا منكم ولا من اليهود
، قال تعالى : «
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ »النساء : ١٤٣.
وهذه صفتهم
بحسب ظاهر حالهم وأما بحسب الحقيقة فهم ملحقون بمن تولوهم ، قال تعالى : « وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ
مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ »المائدة : ٥١ ، فلا منافاة بين قوله : « ما هُمْ مِنْكُمْ
وَلا مِنْهُمْ » وقوله : «
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ».
واحتمل بعضهم
أن ضمير «
عَلَيْهِمْ » للقوم وهم اليهود وضمير «
مِنْهُمْ » للموصول وهم
المنافقون ، والمعنى : تولوا اليهود الذين ليسوا منكم وأنتم مؤمنون ولا من هؤلاء
المنافقين أنفسهم بل أجنبيون برآء من الطائفتين ، وفيه نوع من الذم ، وهو بعيد.
وقوله : « وَيَحْلِفُونَ عَلَى
الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ » أي يحلفون لكم على الكذب أنهم منكم مؤمنون أمثالكم وهم
يعلمون أنهم كاذبون في حلفهم.
قوله
تعالى : « أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ
عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ » الإعداد التهيئة ، وقوله : « إِنَّهُمْ ساءَ » إلخ ، تعليل للإعداد ، وفي قوله : « كانُوا يَعْمَلُونَ » دلالة على أنهم كانوا مستمرين في عملهم مداومين عليه.
والمعنى : هيأ
الله لهم عذابا شديدا لاستمرارهم على عملهم السيئ.
قوله
تعالى : « اتَّخَذُوا
أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ » الأيمان جمع يمين وهو الحلف ، والجنة السترة التي يتقى بها الشر كالترس ، والمهين اسم فاعل من الإهانة بمعنى الإذلال والإخزاء.
والمعنى :
اتخذوا أيمانهم سترة يدفعون بها عن نفوسهم التهمة والظنة كلما ظهر منهم أمر يريب
المؤمنين فصرفوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله وهو الإسلام فلهم ـ لأجل ذلك ـ
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 19 صفحة : 193