اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 18 صفحة : 63
الخمر والميسر ، قال تعالى : « قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ » البقرة : ٢١٩ ، والفواحش جمع فاحشة وهي المعصية الشنيعة النكراء وقد عد تعالى منها
الزنا واللواط قال : «
وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً
» إسراء : ٣٢ ، وقال
حاكيا عن لوط : « أَتَأْتُونَ
الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ
» النمل : ٥٤.
وقوله : « يَجْتَنِبُونَ
كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ » وهو في سورة مكية إشارة إلى إجمال ما سيفصل من تشريع
تحريم كبائر المعاصي والفواحش.
وفي قوله : « وَإِذا ما غَضِبُوا
هُمْ يَغْفِرُونَ » إشارة إلى العفو عند الغضب وهو من أخص صفات المؤمنين ولذا عبر عنه بما
عبر ولم يقل : ويغفرون إذا غضبوا ففي الكلام جهات من التأكيد وليس قصرا للمغفرة
عند الغضب فيهم.
قوله تعالى : « وَالَّذِينَ
اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ » إلخ ، الاستجابة هي الإجابة واستجابتهم لربهم إجابتهم لما يكلفهم به من
الأعمال الصالحة ـ على ما يفيده السياق ـ وذكر إقامة الصلاة بعدها من قبيل ذكر
الخاص بعد العام لشرفه.
على أن الظاهر
أن الآيات مكية ولم يشرع يومئذ أمثال الزكاة والخمس والصوم والجهاد ، وفي قوله : « وَالَّذِينَ
اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ » من الإشارة إلى الإجمال الأعمال الصالحة المشرعة نظير ما تقدم في قوله :
«
وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ » إلخ ، ونظير الكلام جار في الآيات التالية.
وقوله : « وَأَمْرُهُمْ شُورى
بَيْنَهُمْ » قال الراغب : والتشاور
والمشاورة والمشورة استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض من قولهم : شرت العسل إذا أخذته من
موضعه واستخرجته منه ، قال تعالى : « وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ » والشورى الأمر الذي يتشاور فيه ، قال تعالى : « وَأَمْرُهُمْ شُورى
بَيْنَهُمْ » انتهى. فالمعنى : الأمر الذي يعزمون عليه شورى بينهم يتشاورون فيه ،
ويظهر من بعضهم أنه مصدر ، والمعنى : وشأنهم المشاورة بينهم.
وكيف كان ففيه
إشارة إلى أنهم أهل الرشد وإصابة الواقع يمعنون في استخراج صواب الرأي بمراجعة
العقول فالآية قريبة المعنى من قول الله تعالى : « الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ
فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ » الزمر : ١٨.
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 18 صفحة : 63