responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 17  صفحة : 113

: « قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ » إلخ. ببيان أقرب إلى الذهن وذلك بتبديل إنشائهم أول مرة من خلق السماوات والأرض الذي هو أكبر من خلق الإنسان كما قال تعالى : « لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ » المؤمن : ـ ٥٧.

فالآية في معنى قولنا : وكيف يمكن أن يقال : إن الله الذي خلق عوالم السماوات والأرض بما فيها من سعة الخلقة البديعة وعجيب النظام العام المتضمن لما لا يحصى من الأنظمة الجزئية المدهشة للعقول المحيرة للألباب والعالم الإنساني جزء يسير منها ، لا يقدر أن يخلق مثل هؤلاء الناس ، بلى وإنه خلاق عليم.

والمراد بمثلهم قيل : هم وأمثالهم وفيه أنه مغاير لمعنى مثل على ما يعرف من اللغة والعرف.

وقيل : المراد بمثلهم هم أنفسهم بنحو الكناية على حد قولهم : مثلك غني عن كذا أي أنت غني عنه ، وفيه أنه لو كان كناية لصح التصريح به لكن لا وجه لقولنا : أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلقهم فإن الكلام في بعثهم لا في خلقهم والمشركون معترفون بأن خالقهم هو الله سبحانه.

وقيل : ضمير « مِثْلَهُمْ » للسماوات والأرض فإنهما تشملان ما فيهما من العقلاء فأعيد إليهما ضمير العقلاء تغليبا فالمراد أن الله الخالق للعالم قادر على خلق مثله.

وفيه أن المقام مقام إثبات بعث الإنسان لا بعث السماوات والأرض. على أن الكلام في الإعادة وخلق مثل الشيء ليس إعادة لعينه بل بالضرورة.

فالحق أن يقال : إن المراد بخلق مثلهم إعادتهم للجزاء بعد الموت كما يستفاد من كلام الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان.

بيانه أن الإنسان مركب من نفس وبدن ، والبدن في هذه النشأة في معرض التحلل والتبدل دائما فهو لا يزال يتغير أجزاؤه والمركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه فهو في كل آن غيره في الآن السابق بشخصه وشخصية الإنسان محفوظة بنفسه ـ روحه ـ المجردة المنزهة عن المادة والتغيرات الطارئة من قبلها المأمونة من الموت والفساد.

والمتحصل من كلامه تعالى أن النفس لا تموت بموت البدن وأنها محفوظة حتى ترجع

اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 17  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست