responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 16  صفحة : 371

وليس مرادهم بالشفاعة شفاعة يوم القيامة التي يثبتها القرآن الكريم فإنهم ما كانوا يقولون بالمعاد بل الشفاعة في الدنيا لعبادهم عند الله سبحانه ليسعدهم بقضاء حوائجهم وإصلاح شئونهم بتوسط آلهتهم.

وإذ كانت الآلهة مخلوقين لله مملوكين له من كل وجه فلا يملكون الشفاعة من عند أنفسهم مستقلين بها إلا أن يملكهم الله سبحانه ذلك وهو الإذن لهم في أن يشفعوا فأصل شفاعتهم لو شفعوا بإذن الله سبحانه.

وقوله : « إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ » يحتمل أن يكون اللام في « لِمَنْ » لام الملك والمراد بمن أذن له الشافع من الملائكة ، والمعنى : لا تنفع الشفاعة إلا أن يملكه الشافع بالإذن من الله وأن يكون لام التعليل والمراد بمن أذن له المشفوع له ، والمعنى : لا تنفع الشفاعة إلا لأجل من أذن له من المشفوع لهم ، قال في الكشاف : وهذا يعني الوجه الثاني وجه لطيف وهو الوجه. انتهى.

وهو الوجه فإن الملائكة على ما يستفاد من كلامه تعالى وسائط لإنفاذ الأمر الإلهي وإجرائه ، قال تعالى : « لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ » الأنبياء : ٢٧ وقال : « جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ » فاطر : ١ والوساطة المذكورة من الشفاعة كما تقدم في مباحث الشفاعة في الجزء الأول من الكتاب.

فالملائكة جميعا شفعاء لكن لا في كل أمر ولكل أحد بل في أمر أذن الله فيه ولمن أذن له فنفي شفاعتهم إلا مع الإذن يناسب المشفوع لهم دون الشفعاء ، فالآية في معنى قوله تعالى : « وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى » الأنبياء : ٢٨ لا في معنى قوله : « ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ » يونس : ٣.

قوله تعالى : « حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ » التفزيع إزالة الفزع وكشفه وضمائر الجمع ـ على ما يعطيه السياق ـ للشفعاء وهم الملائكة.

ولازم قوله : « حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ » ـ وهو غاية ـ أن يكون هناك أمر مغيى بها وهو كون قلوبهم في فزع ممتد في انتظار أمر الله سبحانه حتى يرتفع بصدور الأمر منه ، فالآية في معنى قوله تعالى : « وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ـ إلى أن قال ـ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ

اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 16  صفحة : 371
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست