اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 16 صفحة : 313
بعد إذهاب أصله ، ومن المعلوم أن ما يقابل الاعتقاد الباطل هو الاعتقاد
الحق فتطهيرهم هو تجهيزهم بإدراك الحق في الاعتقاد والعمل ، ويكون المراد بالإرادة
أيضا غير الإرادة التشريعية لما عرفت أن الإرادة التشريعية التي هي توجيه التكاليف
إلى المكلف لا تلائم المقام أصلا.
والمعنى : أن
الله سبحانه تستمر إرادته أن يخصكم بموهبة العصمة بإذهاب الاعتقاد الباطل وأثر
العمل السيئ عنكم أهل البيت وإيراد ما يزيل أثر ذلك عليكم وهي العصمة.
قوله
تعالى : « وَاذْكُرْنَ ما
يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ
لَطِيفاً خَبِيراً » ظاهر السياق أن المراد بالذكر ما يقابل النسيان إذ هو المناسب لسياق
التأكيد والتشديد الذي في الآيات فيكون بمنزلة الوصية بعد الوصية بامتثال ما وجه
إليهن من التكاليف ، وفي قوله ( فِي بُيُوتِكُنَ ) تأكيد آخر.
والمعنى :
واحفظن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة وليكن منكن في بال حتى لا تغفلن
ولا تتخطين مما خط لكم من المسير.
وأما قول بعضهم
: إن المراد واشكرن الله إذ صيركن في بيوت يتلى فيهن القرآن والسنة فبعيد من
السياق وخاصة بالنظر إلى قوله في ذيل الآية : « إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً ».
قوله
تعالى : « إِنَّ الْمُسْلِمِينَ
وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ » إلخ ، الإسلام لا يفرق بين الرجال والنساء في التلبس
بكرامة الدين وقد أشار سبحانه إلى ذلك إجمالا في مثل قوله : « يا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ
لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ » الحجرات : ١٣ ثم صرح به في مثل قوله : « أَنِّي لا أُضِيعُ
عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى » آل عمران : ١٩٥ ثم صرح به تفصيلا في هذه الآية.
فقوله : « إِنَّ الْمُسْلِمِينَ
وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ » المقابلة بين الإسلام والإيمان تفيد مغايرتهما نوعا من
المغايرة والذي يستفاد منه نحو مغايرتهما قوله تعالى : « قالَتِ الْأَعْرابُ
آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ
الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 16 صفحة : 313