اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 15 صفحة : 384
وقيل : المعنى
: ويجعلكم خلفاء من الكفار بنزول بلادهم وطاعة الله تعالى بعد شركهم وعنادهم. وفيه
أن الخطاب في الآية كسائر الآيات الخمس التي قبلها للكفار لا للمؤمنين كما عليه
بناء الوجه.
وقوله : « قَلِيلاً ما
تَذَكَّرُونَ » خطاب توبيخي للكفار وقرئ « يذكرون » بالياء للغيبة وهو أرجح لموافقته ما
في ذيل سائر الآيات الخمس كقوله : « بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ » «
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ » وغيرهما ، فإن الخطاب فيها جميعا للنبي صلىاللهعليهوآله بطريق الالتفات كما مر بيانه.
قوله
تعالى : « أَمَّنْ يَبْدَؤُا
الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ » إلخ ، بدء الخلق إيجاده ابتداء لأول مرة وإعادته
إرجاعه إليه بالبعث وتبكيت المشركين بالبدء والإعادة مع إنكارهم البعث كما سيذكره
بقوله : « وَقالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا » إلخ ، بناء على ثبوت المعاد بالأدلة القاطعة في كلامه فأخذ كالمسلم ثم
استدرك إنكارهم له أو شكهم فيه في الآيات التالية.
وقيل : المراد
ببدء الخلق ثم إعادته إيجاد الواحد من نوعه ثم إهلاكه وإيجاد نظيره بعده وبالجملة
إيجاد المثل بعد المثل فلا يرد أن المشركين منكرون للمعاد فكيف يحتج به عليهم. هذا
وهو بعيد من ظاهر الآية.
وما تتضمنه
الآية من لطائف الحقائق القرآنية يفيد أن لا بطلان في الوجود مطلقا بل ما أوجده
الله تعالى بالبدء سيرجع إليه بالإعادة وما نشاهده من الهلاك فيها فقدان منا له
بعد وجدانه.
وأما ما أجمع
عليه المتكلمون من امتناع إعادة المعدوم في بعض الموجودات كالأعراض واختلفوا في
جواز إعادة بعض آخر كالجواهر ، لا ارتباط له بمسألة البعث على ما تقرره الآية ،
فإن البعث ليس من باب إعادة المعدوم حتى يمتنع بامتناع إعادته
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 15 صفحة : 384