responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 13  صفحة : 316

قوله تعالى : « وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ » إلى آخر الآية الإحاطة بالشيء كناية عن هلاكه ، وهي مأخوذة من إحاطة العدو واستدارته به من جميع جوانبه بحيث ينقطع عن كل معين وناصر وهو الهلاك ، قال تعالى : « وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ » يونس : ٢٢.

وقوله : « فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ » كناية عن الندامة فإن النادم كثيرا ما يقلب كفيه ظهرا لبطن ، وقوله : « وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها » كناية عن كمال الخراب كما قيل فإن البيوت الخربة المنهدمة تسقط أولا عروشها وهي سقوفها على الأرض ثم تسقط جدرانها على عروشها الساقطة والخوي السقوط وقيل : الأصل في معنى الخلو.

وقوله : « وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً » أي يا ليتني لم أتعلق بما تعلقت به ولم أركن ولم أطمأن إلى هذه الأسباب التي كنت أحسب أن لها استقلالا في التأثير وكنت أرجع الأمر كله إلى ربي فقد ضل سعيي وهلكت نفسي.

والمعنى : وأهلكت أنواع ماله أو فسد ثمر جنته فأصبح نادما على المال الذي أنفق والجنة خربة ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم أسكن إلى ما سكنت إليه واغتررت به من نفسي وسائر الأسباب التي لم تنفعني شيئا.

قوله تعالى : « وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً » الفئة الجماعة ، والمنتصر الممتنع.

وكما كانت الآيات الخمس الأولى أعني قوله : « قالَ لَهُ صاحِبُهُ ـ إلى قوله ـ طَلَباً » بيانا قوليا لخطإ الرجل في كفره وشركه كذلك هاتان الآيتان أعني قوله : « وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ ـ إلى قوله ـ وَما كانَ مُنْتَصِراً » بيان فعلي له أما تعلقه بدوام الدنيا واستمرار زينتها في قوله : « ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً » فقد جلى له الخطأ فيه حين أحيط بثمره فأصبحت جنته خاوية على عروشها ، وأما سكونه إلى الأسباب وركونه إليها وقد قال لصاحبه« أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً » فبين خطاؤه فيه بقوله تعالى : « وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ » وأما دعوى استقلاله بنفسه وتبجحه بها فقد أشير إلى جهة بطلانها بقوله تعالى : « وَما كانَ مُنْتَصِراً ».

اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 13  صفحة : 316
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست