responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 12  صفحة : 22

قوله تعالى : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) قال في المجمع التأذن الاعلام يقال : آذن وتأذن ومثله أوعد وتوعد انتهى.

وقوله : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ) إلخ معطوف على قوله : ( وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ ) وموقع الآية التالية : ( وَقالَ مُوسى ) إلخ ، من هذه الآية كموقع قوله : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى ) إلخ ، من قوله : ( كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ) إلخ ، فافهم ذلك فهو الأنسب بسياق كلامه تعالى.

وذكر بعضهم أنه داخل في مقول موسى وليس بكلام مبتدإ وعليه فهو معطوف على قوله : ( نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ ) والتقدير : اذكروا نعمة الله عليكم واذكروا إذ تأذن ربكم إلخ ، وفيه أنه لو كان كذلك لكان الأنسب أن يقال : اذكروا إذ أنجاكم فأنعم عليكم وإذ تأذن ربكم إلخ ، لما فيه من رعاية حكم الترتيب.

وقيل : إنه معطوف على قوله : ( إِذْ أَنْجاكُمْ ) والمعنى اذكروا نعمة الله عليكم إذ تأذن ربكم ، فإن هذا التأذن نفسه نعمة لما فيه من الترغيب والترهيب الباعثين إلى نيل خير الدنيا والآخرة.

وفيه أن هذا التأذن ليس إلا نعمة للشاكرين منهم خاصة وأما غيرهم فهو نقمة عليهم وخسارة فنظمه في سلك ما تقدمه من غير تقييد أو استثناء ليس على ما ينبغي.

فالظاهر أنه كلام مبتدأ وقد بين تعالى هذه الحقيقة أعني كون الشكر ـ الذي حقيقته استعمال النعمة بنحو يذكر إنعام المنعم ويظهر إحسانه ويئول في مورده تعالى إلى الإيمان به والتقوى ـ موجبا لمزيد النعمة والكفر لشديد العذاب ، في مواضع من كلامه ، وقد حكى عن نوح فيما ناجى ربه ودعا على قومه : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ ) الخ : نوح : ١٢.

ومن لطيف كرمه تعالى اللائح من الآية ـ كما ذكره بعضهم ـ اشتمالها على التصريح بالوعد والتعريض في الوعيد حيث قال : ( لَأَزِيدَنَّكُمْ ) وقال ( إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) ولم يقل لأعذبنكم وذلك من دأب الكرام في وعدهم ووعيدهم غالبا.

اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 12  صفحة : 22
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست