فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ خَوِّفْنِي فَإِنَّ قَلْبِي قَدْ قَسَا- فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اسْتَعِدَّ لِلْحَيَاةِ الطَّوِيلَةِ فَإِنَّ جَبْرَائِيلَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ قَاطِبٌ[1] وَ قَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَجِيءُ وَ هُوَ مُبْتَسِمٌ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا جَبْرَئِيلُ جِئْتَنِي الْيَوْمَ قَاطِباً فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ وُضِعَتْ مَنَافِخُ النَّارِ، فَقَالَ: وَ مَا مَنَافِخُ النَّارِ يَا جَبْرَئِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ بِالنَّارِ فَنُفِخَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ- وَ نُفِخَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ حَتَّى احْمَرَّتْ- ثُمَّ نُفِخَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ، فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ- لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الضَّرِيعِ قَطَرَتْ فِي شَرَابِ أَهْلِ الدُّنْيَا- لَمَاتَ أَهْلُهَا مِنْ نَتْنِهَا- وَ لَوْ أَنَّ حَلْقَةً مِنَ السِّلْسِلَةِ الَّتِي طُولُهَا سَبْعُونَ ذِراعاً وُضِعَتْ عَلَى الدُّنْيَا لَذَابَتِ الدُّنْيَا مِنْ حَرِّهَا، وَ لَوْ أَنَّ سِرْبَالًا مِنْ سَرَابِيلِ أَهْلِ النَّارِ عُلِّقَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ- لَمَاتَ أَهْلُ الْأَرْضِ مِنْ رِيحِهِ وَ وَهَجِهِ، فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ ص وَ بَكَى جَبْرَئِيلُ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا مَلَكاً فَقَالَ لَهُمَا:
إِنَّ رَبَّكُمَا يُقْرِئُكُمَا السَّلَامَ- وَ يَقُولُ قَدْ آمَنْتُكُمَا أَنْ تُذْنِبَا ذَنْباً أُعَذِّبُكُمَا عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع: فَمَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ ص جَبْرَئِيلَ مُبْتَسِماً بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ:
إِنَّ أَهْلَ النَّارِ يُعَظِّمُونَ النَّارَ وَ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يُعَظِّمُونَ الْجَنَّةَ وَ النَّعِيمَ- وَ إِنَّ أَهْلَ جَهَنَّمَ إِذَا دَخَلُوهَا هَوَوْا فِيهَا مَسِيرَةَ سَبْعِينَ عَاماً- فَإِذَا بَلَغُوا أَعْلَاهَا قُمِعُوا بِمَقَامِعِ الْحَدِيدِ وَ أُعِيدُوا فِي دَرَكِهَا هَذِهِ حَالُهُمْ- وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها. إلخ» ثُمَّ تُبَدَّلُ جُلُودُهُمْ جُلُوداً غَيْرَ الْجُلُودِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ- فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع حَسْبُكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قُلْتُ حَسْبِي حَسْبِي.
ثم ذكر الله ما أعده للمؤمنين فقال إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ إلى قوله وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ
حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ
[1]. فِي الْحَدِيثِ قَطَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَيْ قَبَضَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَمَا يَفْعَلُ الْعَبُوسُ. ج. ز