ثُمَّ أَتَيْتَهُ رَغْبَةً- عَمَّا جِئْتَ بِهِ لَكُنْتَ كَافِراً بِمَا جِئْتَ بِهِ- وَ هُوَ قَوْلُهُ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً أَيْ حِجَاباً بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَ إِيمَانُهُمْ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ و خَوْفاً مِنَ السَّيْفِ وَ رَفْعَ الْجِزْيَةِ
وَ قَوْلُهُ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً- فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَّهُ الَّذِينَ غَصَبُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ- فَيُعْرَضُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ فَيَحْلِفُونَ لَهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا مِنْهَا شَيْئاً- كَمَا حَلَفُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ص فِي الدُّنْيَا- حِينَ حَلَفُوا أَنْ لَا يَرُدُّوا الْوَلَايَةَ فِي بَنِي هَاشِمٍ، وَ حِينَ هَمُّوا بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي الْعَقَبَةِ، فَلَمَّا أَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَ أَخْبَرَهُ- حَلَفُوا لَهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ وَ لَمْ يَهِمُّوا بِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ «يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا- وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ- وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا- وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ» قَوْلُهُ: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ الْآيَةَ، أَيْ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ لَا يُؤَاخِي مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِلَى قَوْلِهِ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ ع وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ قَالَ: الرُّوحُ مَلَكٌ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ مَعَ الْأَئِمَّةِ ع وَ قَوْلُهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ يَعْنِي الْأَئِمَّةُ ع أَعْوَانُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
59 سُورَةُ الْحَشْرِ مَدَنِيَّةٌ آيَاتُهَا أَرْبَعٌ وَ عِشْرُونَ 24
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ- وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ- هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا
قَالَ: سَبَبُ نُزُولِ ذَلِكَ- أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَبْطُنٍ مِنَ الْيَهُودِ بَنُو النَّضِيرِ وَ قُرَيْظَةَ وَ قَيْنُقَاعَ، وَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ص عَهْدٌ