وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ، لِأَهْلِ الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ- وَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ- هَلْ بَلَغَ رِسَالَتُهُ إِلَيْهِمْ كُلِّهِمْ قُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: يَا ابْنَ بُكَيْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَدِينَةِ فَكَيْفَ بَلَغَ أَهْلَ الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ قُلْتُ:
لَا أَدْرِي، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ جَبْرَئِيلَ فَاقْتَلَعَ الْأَرْضَ بِرِيشَةٍ مِنْ جَنَاحِهِ وَ نَصَبَهَا لِمُحَمَّدٍ ص فَكَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ رَاحَتِهِ فِي كَفِّهِ- يَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ- وَ يُخَاطِبُ كُلَّ قَوْمٍ بِأَلْسِنَتِهِمْ- وَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى نُبُوَّتِهِ بِنَفْسِهِ- فَمَا بَقِيَتْ قَرْيَةٌ وَ لَا مَدِينَةٌ إِلَّا وَ دَعَاهُمُ النَّبِيُّ ص بِنَفْسِهِ.
قال علي بن إبراهيم: ثم حكى الله لنبيه ص قول الكفار من قريش و غيرهم وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَ لا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ من كتب الأنبياء وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ- يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا و هم الرؤساء لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا- أَ نَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى و هو البيان بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ثم يقول الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا- بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ يعني مكرتم بالليل و النهار- و قوله وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ
قَالَ يُسِرُّونَ النَّدَامَةَ فِي النَّارِ إِذَا رَأَوْا وَلِيَّ اللَّهِ- فَقِيلَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَا يُغْنِيهِمْ إِسْرَارُ النَّدَامَةِ وَ هُمْ فِي الْعَذَابِ- قَالَ: يَكْرَهُونَ شَمَاتَةَ الْأَعْدَاءِ، ثُمَّ افْتَخَرُوا عَلَى اللَّهِ بِالْغِنَى فَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ- وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ- وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى- إِلَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً
قَالَ وَ ذَكَرَ رَجُلٌ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الْأَغْنِيَاءَ وَ وَقَعَ فِيهِمْ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع اسْكُتْ! فَإِنَّ الْغَنِيَّ إِذَا كَانَ وَصُولًا لِرَحِمِهِ بَارّاً بِإِخْوَانِهِ- أَضْعَفَ اللَّهُ لَهُ الْأَجْرَ ضِعْفَيْنِ- لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: «وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى- إِلَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ