لِيُنْزِلَ عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يُعَلِّمْهُ تَأْوِيلَهُ- وَ أَوْصِيَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَمُونَهُ كُلَّهُ، قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ- إِنَّ أَبَا الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ فِيكُمْ قَوْلًا عَظِيماً، قَالَ وَ مَا كَانَ يَقُولُ قُلْتُ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الْقُرْآنِ قَالَ عِلْمُ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الْقُرْآنِ يَسِيرٌ فِي جَنْبِ الْعِلْمِ الَّذِي يَحْدُثُ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ
و قوله رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا أي لا نشك و قوله أُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ يعني حطب النار كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ أي فعل آل فِرْعَوْنَ.
وَ قَوْلُهُ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ- وَ تُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمِهادُ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ بَدْرٍ لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ بَدْرٍ أَتَى بَنِي قَيْنُقَاعَ وَ هُوَ يُنَادِيهِمْ وَ كَانَ بِهَا سُوقٌ يُسَمَّى سُوقُ النَّبَطِ فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ قَدْ عَلِمْتُمْ مَا نَزَلَ بِقُرَيْشٍ وَ هُمْ أَكْثَرُ عَدَداً وَ سِلَاحاً وَ كُرَاعاً مِنْكُمْ- فَادْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ أَ إِنَّكَ تَحْسَبُ حَرْبَنَا مِثْلَ حَرْبِ قَوْمِكَ وَ اللَّهِ لَوْ لَقِيتَنَا لَلَقِيتَ رِجَالًا، فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ- وَ تُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمِهادُ- قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا- فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَعْنِي فِئَةَ الْمُسْلِمِينَ وَ فِئَةَ الْكُفَّارِ وَ أُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ أَيْ كَانُوا مِثْلَيِ الْمُسْلِمِينَ وَ اللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ ص يَوْمَ بَدْرٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ.
و قوله زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ- وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ- وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ قال القناطير جلود الثيران مملوءة ذهبا «وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ» يعني الراعية وَ الْأَنْعامِ «وَ الْحَرْثِ» يعني الزرع «وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ» أي حسن المرجع إليه- قال أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ- لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ- تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ثم أخبر أن هذا للذين يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا- فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ قِنا عَذابَ النَّارِ إلى قوله