وَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ- إِذْ حَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مَعَهُ فِي الْقُبَّةِ، فَفَزِعَ مِنْهُ وَ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا الَّذِي لَا أَقْبَلُ الرُّشَى وَ لَا أَهَابُ الْمُلُوكَ، أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ، فَقَبَضَهُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَصَاهُ- فَمَكَثُوا سَنَةً يَبْنُونَ وَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ- وَ يُدَانُونَ لَهُ وَ يَعْمَلُونَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ الْأَرَضَةَ- فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ وَ هِيَ الْعَصَا فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنُّ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ- مَا لَبِثُوا سَنَةً فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ فَالْجِنُّ تَشْكُرُ الْأَرَضَةَ بِمَا عَمِلَتْ بِعَصَا سُلَيْمَانَ قَالَ فَلَا تَكَادُ تَرَاهَا فِي مَكَانٍ إِلَّا وُجِدَ عِنْدَهَا مَاءٌ وَ طِينٌ- فَلَمَّا هَلَكَ سُلَيْمَانُ وَضَعَ إِبْلِيسُ السِّحْرَ وَ كَتَبَهُ فِي كِتَابٍ- ثُمَّ طَوَاهُ وَ كَتَبَ عَلَى ظَهْرِهِ «هَذَا مَا وَضَعَ آصَفُ بْنُ بَرْخِيَا لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مِنْ ذَخَائِرِ كُنُوزِ الْعِلْمِ- مَنْ أَرَادَ كَذَا وَ كَذَا فَلْيَفْعَلْ كَذَا وَ كَذَا» ثُمَّ دَفَنَهُ تَحْتَ السَّرِيرِ ثُمَّ اسْتَثَارَهُ لَهُمْ فَقَرَأَهُ- فَقَالَ الْكَافِرُونَ مَا كَانَ سُلَيْمَانُ ع يَغْلِبُنَا إِلَّا بِهَذَا- وَ قَالَ الْمُؤْمِنُونَ بَلْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَ نَبِيُّهُ- فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ «وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَ ما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَ لكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا- يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ- وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ» إِلَى قَوْلِهِ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ- وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَأَلَهُ عَطَاءٌ وَ نَحْنُ بِمَكَّةَ عَنْ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ- كَانُوا يَنْزِلُونَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ يَحْفَظُونَ أَوْسَاطَ أَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ وُلْدِ آدَمَ وَ الْجِنِّ- وَ يَكْتُبُونَ أَعْمَالَهُمْ وَ يَعْرُجُونَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ- قَالَ فَضَجَّ أَهْلُ السَّمَاءِ مِنْ مَعَاصِي أَهْلِ الْأَرْضِ- فَتَآمَرُوا[1] فِيمَا بَيْنَهُمْ مِمَّا يَسْمَعُونَ- وَ يَرَوْنَ مِنِ افْتِرَائِهِمُ الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- وَ جُرْأَتِهِمْ عَلَيْهِ وَ نَزَّهُوا اللَّهَ مِمَّا يَقُولُ فِيهِ خَلْقُهُ وَ يَصِفُونَ- فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ «يَا رَبَّنَا مَا تَغْضَبُ
[1]. أَيْ تَشَاوَرُوا وَ تَكَلَّمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ. ج- ز