بِذَلِكَ، فَخَرَجَ فَنَادَى الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ- مَا بَالُ أَقْوَامٍ يُحَرِّمُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمُ الطَّيِّبَاتِ- أَلَا إِنِّي أَنَامُ بِاللَّيْلِ وَ أَنْكِحُ وَ أُفْطِرُ بِالنَّهَارِ- فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي، فَقَامُوا هَؤُلَاءِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ حَلَفْنَا عَلَى ذَلِكَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ- وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ- فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ- مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ- فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ- ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ الْآيَةَ
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ أَمَّا الْخَمْرُ فَكُلُّ مُسْكِرٍ مِنَ الشَّرَابِ خَمْرٌ إِذَا أُخْمِرَ فَهُوَ حَرَامٌ وَ أَمَّا الْمُسْكِرُ كَثِيرُهُ وَ قَلِيلُهُ حَرَامٌ- وَ ذَلِكَ أَنَّ الْأَوَّلَ شَرِبَ قَبْلَ أَنْ يُحَرَّمَ الْخَمْرُ- فَسَكِرَ فَجَعَلَ يَقُولُ الشِّعْرَ- وَ يَبْكِي عَلَى قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ اللَّهُمَّ أَمْسِكْ عَلَى لِسَانِهِ، فَأَمْسَكَ عَلَى لِسَانِهِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ السُّكْرُ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَ إِنَّمَا كَانَتِ الْخَمْرُ يَوْمَ حُرِّمَتْ بِالْمَدِينَةِ فَضِيخَ الْبُسْرِ[1] وَ التَّمْرِ- فَلَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُهَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَعَدَ فِي الْمَسْجِدِ- ثُمَّ دَعَا بِآنِيَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَنْبِذُونَ فِيهَا فَأَكْفَأَ كُلَّهَا- ثُمَّ قَالَ هَذِهِ كُلُّهَا خَمْرٌ وَ قَدْ حَرَّمَهَا اللَّهُ- فَكَانَ أَكْثَرُ شَيْءٍ أُكْفِئَ[2] مِنْ ذَلِكَ- يَوْمَئِذٍ مِنَ الْأَشْرِبَةِ الْفَضِيخُ، وَ لَا أَعْلَمُ أُكْفِئَ يَوْمَئِذٍ مِنْ خَمْرِ الْعِنَبِ شَيْءٌ- إِلَّا إِنَاءٌ وَاحِدٌ كَانَ فِيهِ زَبِيبٌ وَ تَمْرٌ جَمِيعاً، وَ أَمَّا عَصِيرُ الْعِنَبِ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، حَرَّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ قَلِيلَهَا وَ كَثِيرَهَا- وَ بَيْعَهَا وَ شِرَاءَهَا وَ الِانْتِفَاعَ بِهَا، وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ- وَ مَنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ- وَ مَنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ- وَ مَنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ، وَ قَالَ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ- مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ، وَ الْمُومِسَاتُ الزَّوَانِي يَخْرُجُ مِنْ فُرُوجِهِنَّ صَدِيدٌ- وَ الصَّدِيدُ قَيْحٌ وَ دَمٌ غَلِيظٌ مُخْتَلِطٌ- يُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ حَرُّهُ وَ نَتْنُهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً- فَإِنْ عَادَ فَأَرْبَعِينَ
[1]. الْفَضِيخُ كَنَبِيذٍ شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنَ الْبُسْرِ ج- ز
[2]. كَفَأَهُ كَمَنَعَهُ قَلَبَهُ- ق