و عزتك- قال: فابتلاهم بمثل الذي ابتلى به بني آدم من الشهوة-
ثم أمرهم أن لا يشركوا به شيئا و لا يقتلوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، و لا يزنوا
و لا يشربوا الخمر، ثم أهبطهما إلى الأرض فكانا يقضيان بين الناس- هذا في ناحية و
هذا في ناحية، فكانا بذلك حتى أتت إحداهما هذه الكوكبة تخاصم إليه، و كانت من أجمل
الناس فأعجبته فقال لها الحق لك- و لا أقضي لك حتى تمكنيني من نفسك- فواعدت يوما
ثم أتت الآخر- فلما خاصمت إليه وقعت في نفسه- و أعجبته كما أعجبت الآخر، فقال لها
مثل مقالة صاحبه، فواعدته الساعة التي وعدت صاحبه- فاتفقا جميعا عندها في تلك
الساعة، فاستحى كل واحد من صاحبه حيث رآه و طأطأ رءوسها و نكسا، ثم نزع الحياء
منهما، فقال أحدهما لصاحبه: يا هذا جاءني الذي جاء بك، قال: ثم أعلماها و راوداها
عن نفسها- فأبت عليهما حتى يسجدا لوثنها و يشربا من شرابها، و أبيا عليها و سألاها
فأبت إلا أن يشربا من شرابها فلما شربا صليا لوثنها و دخل مسكين فرآهما، فقالت
لهما: يخرج هذا فيخبر عنكما فقاما إليه فقتلاه، ثم راوداها عن نفسها- فأبت حتى
يخبراها بما يصعدان به إلى السماء- و كانا يقضيان بالنهار، فإذا كان الليل صعدا
إلى السماء- فأبيا عليها و أبت أن تفعل فأخبراها، فقالت ذلك لتجرب مقالتهما و
صعدت، فرفعا أبصارهما إليها- فرأيا أهل السماء مشرفين عليهما- ينظرون إليهما و
تناهت إلى السماء، فمسخت فهي الكوكبة التي ترى[1].
77- عن محمد بن مسلم
عن أبي جعفر ع في قوله: «ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها- نَأْتِ
بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها» قال: الناسخ ما حول و ما ينسيها: مثل الغيب
الذي لم يكن بعد كقوله «يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ
الْكِتابِ» قال: فيفعل الله ما يشاء و يحول ما يشاء- مثل قوم يونس إذا
بدا له فرحمهم، و مثل قوله «فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ» قال أدركتهم
رحمته[2].
[1]- البحار ج 14: 236. الصافي ج 1: 129 و للفيض«
ره» في الخبرين كلام لطيف فراجع.