أ و لم تنتهوا عن كثرة المسائل- فأبيتم أن تنتهوا إياكم- و
ذاك فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، فقال الله تبارك و تعالى: «يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ» إلى قوله «كافِرِينَ»[1]..
213 محمد بن مسلم عن
أبي عبد الله ع في قول الله: «ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا
سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ»[2]
قال: و إن أهل الجاهلية كانوا- إذا ولدت الناقة ولدين في بطن- قالوا: وصلت، فلا
يستحلون ذبحها و لا أكلها- و إذا ولدت عشرا جعلوها سائبة- فلا يستحلون ظهرها و لا
أكلها، و الحام: فحل الإبل لم يكونوا يستحلون، فأنزل الله إن الله لم يحرم شيئا من
هذا[3].
[2]- قال الطبرسي« ره» البحيرة: هي الناقة كانت
إذا نتجت خمسة أبطن و كان آخرها ذكرا بحروا أذنها« أي شقوه» و امتنعوا من ركوبها و
نحرها و لا تطرد عن ماء و لا تمنع من مرعى. و قيل: إنهم كانوا إذا انتجت الناقة
خمسة أبطن نظروا في البطن الخامس فإن كان ذكرا نحروه فأكله النساء و الرجال جميعا
و إن كانت أنثى شقوا أذنها فتلك البحيرة ثم لا يجزلها وبر و لا يذكر عليها اسم
الله إن ذكيت و لا يحمل عليها و حرم على النساء أن يذقن من لبنها شيئا و لا أن
ينتفعن بها و كان لبنها و منافعها للرجال خاصة دون النساء حتى تموت فإذا ماتت
اشتركت الرجال و النساء في أكلها.
و السائبة و هي ما كانوا يسيبونه«
أي يهملونه» فإن الرجل إذا نذر لقدوم من سفر أو لبرء من علة أو ما أشبه ذلك قال
ناقتي سائبة فكانت كالبحيرة في أن لا ينتفع بها. و قيل هي التي تسيب للأصنام أي
تعتق لها و الوصيلة و هي في الغنم كانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم و إذا ولدت
ذكرا جعلوه لآلهتهم فإن ولدت ذكرا و أنثى قالوا وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر
لآلهتهم و الحام و هو الذكر من الإبل كانت العرب إذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن
قالوا قد حمى ظهره فلا يحمل عليه و لا يمنع من ماء و لا مرعى. و قيل إنه الفحل إذا
لقح ولد ولده قيل حمى ظهره فلا يركب.