بمرو و أوصى إلي بمائة ألف درهم- و أمرني أن أعطي أبا حنيفة
منها جزءا- و لم أعرف الجزء كم هو مما ترك، فلما قدمت الكوفة أتيت أبا حنيفة
فسألته عن الجزء فقال لي الربع، فأبى قلبي ذلك، فقلت: لا أفعل حتى أحج و أستقصي
المسألة- فلما رأيت أهل الكوفة قد أجمعوا على الربع- قلت لأبي حنيفة لا سوأة[1] بذلك لك
أوصي بها يا أبا حنيفة، و لكن أحج و أستقصي المسألة- فقال أبو حنيفة: و أنا أريد
الحج.
فلما أتينا مكة و كنا
في الطواف- فإذا نحن برجل شيخ قاعد- قد فرغ من طوافه و هو يدعو و يسبح، إذ التفت
أبو حنيفة فلما رآه- قال: إن أردت أن تسأل غاية الناس فسل هذا فلا أحد بعده، قلت:
و من هذا قال: جعفر بن محمد ع، فلما قعدت و استمكنت- إذ استدار أبو حنيفة خلف ظهر
جعفر بن محمد ع فقعد قريبا مني فسلم عليه و عظمه- و جاء غير واحد مزدلفين مسلمين
عليه و قعدوا، فلما رأيت ذلك من تعظيمهم له اشتد ظهري فغمزني أبو حنيفة[2] أن تكلم-
فقلت: جعلت فداك إني رجل من أهل خراسان و إن رجلا مات و أوصى إلي بمائة ألف درهم-
و أمرني أن أعطي منها جزءا و سمى لي الرجل، فكم الجزء جعلت فداك فقال جعفر بن محمد
ع: يا أبا حنيفة لك أوصى قل فيها فقال: الربع، فقال لابن أبي ليلى قل فيها، فقال:
الربع، فقال جعفر ع: و من أين قلتم الربع قالوا لقول الله: «فَخُذْ أَرْبَعَةً
مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ
جُزْءاً» فقال أبو عبد الله ع لهم:- و أنا أسمع هذا- قد علمت الطير أربعة فكم
كانت الجبال إنما الأجزاء للجبال ليس للطير، فقالوا: ظننا أنها أربعة، فقال أبو
عبد الله ع: و لكن الجبال عشرة[3].
477 عن صالح بن سهل
الهمداني عن أبي عبد الله ع في قوله: «فَخُذْ أَرْبَعَةً
مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ- ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ
جُزْءاً» الآية- فقال: أخذ الهدهد و الصرد و الطاوس و الغراب- فذبحهن و عزل
رءوسهن- ثم نخر[4] أبدانهن
بالمنخار
[1]- و في نسخة البحار« لا سترة». و في نور
الثقلين« لا تسبق» و هو الظاهر.
[2]- غمزه: كبسه باليد أي شده. و في نور الثقلين«
فعمد أبو حنيفة أن يكلم».