responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 88

يقول‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ «إِن‌َّ الَّذِين‌َ يُجادِلُون‌َ» ‌ أي ‌ يخاصمون‌ «‌في‌» رفع‌ «آيات‌ِ اللّه‌ِ» و ابطالها «بِغَيرِ سُلطان‌ٍ» ‌ أي ‌ بغير حجة «أتاهم‌» أعطاهم‌ اللّه‌ إياها يتسلط بها ‌علي‌ إنكار مذهب‌ يخالف‌ مذهبهم‌ «إِن‌ فِي‌ صُدُورِهِم‌ إِلّا كِبرٌ ما هُم‌ بِبالِغِيه‌ِ» ‌ أي ‌ ليس‌ ‌في‌ صدورهم‌ ‌إلا‌ كبر. ‌قال‌ مجاهد: معناه‌ الاعظمة و جبرية ‌ما ‌هم‌ ببالغي‌ تلك‌ العظمة، لأن‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ مذلهم‌. و ‌قيل‌: معناه‌ ‌إلا‌ كبر بحسدك‌ ‌علي‌ النبوة ‌الّتي‌ أكرمك‌ ‌الله‌ بها (ما هُم‌ بِبالِغِيه‌ِ) لأن‌ ‌الله‌ يرفع‌ بها ‌من‌ يشاء. و ‌قيل‌: منعا ‌إلا‌ كبر ‌ما ‌هم‌ ببالغي‌ مقتضاه‌ و ‌لا‌ نالوه‌ لان‌ الكبر إنما يعمله‌ صاحبه‌ لمقتضي‌ ‌ان‌ يعظم‌ حاله‌، و هؤلاء يصير حالهم‌ ‌الي‌ الاذلال‌ و التحقير بكفرهم‌ ‌فلا‌ يبلغون‌ ‌ما ‌في‌ صدورهم‌ ‌من‌ مقتضي‌ كبرهم‌. و ‌قيل‌:

‌الآية‌ نزلت‌ ‌في‌ اليهود و ‌ان‌ الكبر ‌ألذي‌ ليس‌ ‌هم‌ ببالغيه‌ توقعهم‌ امر الدجال‌، فاعلم‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌ان‌ ‌هذه‌ الفرقة ‌الّتي‌ تجادل‌ ألا تبلغ‌ خروج‌ الدجال‌، فلذلك‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ «فَاستَعِذ بِاللّه‌ِ» ‌ثم‌ امر نبيه‌ بأن‌ يستعيذ باللّه‌ ‌من‌ شر هؤلاء المخاصمين‌ «إِنَّه‌ُ هُوَ السَّمِيع‌ُ البَصِيرُ» و معناه‌ انه‌ يسمع‌ ‌ما يقول‌ هؤلاء ‌الّذين‌ يخاصمون‌ ‌في‌ دفع‌ آيات‌ ‌الله‌ بصير ‌بما‌ يضمرونه‌ و ‌في‌ ‌ذلک‌ تهديد ‌لهم‌ ‌في‌ ‌ما يقدمون‌ ‌عليه‌. و ‌قيل‌: ‌فيه‌ و عدله‌ بكفاية شرهم‌.

‌ثم‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ «لَخَلق‌ُ السَّماوات‌ِ وَ الأَرض‌ِ أَكبَرُ مِن‌ خَلق‌ِ النّاس‌ِ» معناه‌ ‌إن‌ خلق‌ السموات‌ و ‌الإرض‌ ‌علي‌ ‌ما هما ‌عليه‌ ‌من‌ العظم‌ و الثقل‌ ‌مع‌ وقوفهما ‌من‌ ‌غير‌ عمد و جريان‌ الفلك‌ و الكواكب‌ ‌من‌ ‌غير‌ سبب‌ أعظم‌ ‌في‌ النفس‌ و أهول‌ ‌في‌ الصدر ‌من‌ خلق‌ ‌النّاس‌، و ‌إن‌ ‌کان‌ عظيماً ‌لما‌ ‌فيه‌ ‌من‌ الحياة و الحواس‌ المهيأة لانواع‌ مختلفة ‌من‌ الإدراكات‌ ‌إلا‌ ‌ان‌ امر السموات‌ و ‌الإرض‌ خارج‌ ‌عن‌ مقتضي‌ الطبيعة، ‌او‌ ‌ان‌ ‌يکون‌ فاعلهما و خالقهما يجري‌ مجري‌ العباد ‌في‌ الجسمية، فهو اكبر شأناً ‌من‌ ‌هذه‌ الجهة «وَ لكِن‌َّ أَكثَرَ النّاس‌ِ لا يَعلَمُون‌َ» لعدو ‌لهم‌ ‌عن‌ الفكر ‌فيه‌ و الاستدلال‌ ‌علي‌

اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 88
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست