اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 9 صفحة : 82
هذا كله من قول مؤمن آل فرعون.
ثم قال لهم علي وجه التخويف و الوعظ (فستذكرون) صحة (ما أَقُولُ لَكُم) إذا حصلتم في العقاب يوم القيامة. تم اخبر عن نفسه فقال (وَ أُفَوِّضُ أَمرِي إِلَي اللّهِ) أي أسلمه اليه (إِنَّ اللّهَ بَصِيرٌ بِالعِبادِ) أي عالم بأحوالهم، و ما يفعلونه من طاعة و معصية. و قال السدي: معني أفوض اسلم اليه. ثم اخبر تعالي فقال (فَوَقاهُ اللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) و قال قتادة: صرف اللّه عنه سوء مكرهم، و کان قبطياً من قوم فرعون فنجي مع موسي. و قوله (وَ حاقَ بِآلِ فِرعَونَ) أي حل بهم و وقع بهم (سوء العذاب) لان اللّه تعالي غرقهم مع فرعون، و بين انهم مع ذلک في (النّارُ يُعرَضُونَ عَلَيها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا) يعني صباحاً و مساء، و رفع النار بدلا من قوله (سوء العذاب) (وَ يَومَ تَقُومُ السّاعَةُ) يعني إذا کان يوم القيامة يقال للملائكة (أَدخِلُوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذابِ) فيمن قطع الهمزة.
و من وصلها أراد ان اللّه يأمرهم بذلك. و العرض إظهار الشيء ليراه ألذي يظهر له. و منه قوله (وَ عُرِضُوا عَلي رَبِّكَ)[1] أي أظهروا (صفاً) کما يظهرون المرائي لهم. و منه قولهم: عرضت الكتاب علي الأمير، فهؤلاء يعرضون علي النار لينالهم من ألمها و الغم بالمصير اليها. و الغدوّ المصير إلي الشيء بالغداة غدا يغدو غدواً. و قولهم: تغدي أي أكل بالغداة، و غدا أي سابق إلي الأمر بالغداة.
و (قيام الساعة) و جودها، و دخولها علي استقامة بما يقوم من صفتها، و قامت السوق إذا حضر أهلها علي ما جرت به العادة و (أشد العذاب) اغلظه.
و في الآية دلالة علي صحة عذاب القبر لأنه تعالي اخبر انهم يعرضون علي النار غدواً و عشياً. و قال الحسن: آل فرعون أراد به من کان علي دينه.