آيتان و بعض آية في المكي و المدني الأخير، و آيتان فيما عداه، عد المكي و المدني الأخير إلي «قَوِيٌّ عَزِيزٌ» تمام الّتي قبلها.
قرأ الأعشي (عشيراتهم) علي الجمع، الباقون (عشيرتهم) علي الافراد.
قوله (كَتَبَ اللّهُ لَأَغلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي) معناه إنه كتب في اللوح المحفوظ و ما كتبه فلا بد من ان يکون. و قال الحسن: ما أمر اللّه نبياً قط بحرب الأغلب إما في الحال او فيما بعد. و يحتمل ان يکون المراد (كَتَبَ اللّهُ لَأَغلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي) بالحجج و البراهين، و ان جاز ان يغلب في الحرب في بعض الأوقات. و الغلبة قهر المنازع حتي يصير في حكم الذليل للقاهر، و قد يقهر ما ليس بمنازع، كقولهم قهر العمل حتي فرغ منه. و اللّه تعالي غالب بمعني انه قاهر لمن نازع أولياءه. و قوله (إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) اخبار منه تعالي انه قادر لا يمكن احداً من قهره و لا غلبته لان مقدوراته لا نهاية لها و من کان كذلك لا يمكن قهره. و العزيز المنيع بكثرة مقدوراته.
و قوله (لا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَ اليَومِ الآخِرِ يُوادُّونَ مَن حَادَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ) معناه ان المؤمن لا يکون مؤمناً كامل الايمان و الثواب يواد من خالف حدود اللّه و يشاقه و يشاق رسوله و معني يواده يواليه، و ان کان ذلک ألذي يواده أباه او ابنه او أخاه او عشيرته، فمن خالف ذلک و والي من ذكرناه کان فاسقاً، لا يکون كافراً، و کل كافر فهو محاد لله و لرسوله. و الموادة الموالاة بالنصرة و المحبة، فهذا لا يجوز إلا للمؤمن بالله دون الكافر، و الفاسق المرتكب للكبائر، لأنه يجب البراءة منهما، و هي منافية للموالاة.
و الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلي اهل مكة يشعرهم بأن النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله عزم علي ان يأتي مكة بغتة يفتحها. و کان النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله أخفي ذلک، فلما عوتب علي ذلک، قال أهلي بمكة أحببت ان يحوطوهم بيد تكون لي عندهم، فانزل اللّه تعالي فيه الآية.