responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 505

بأن‌ ‌من‌ قدر عليها قدر ‌علي‌ النشأة الثانية. و النشأة المرة ‌من‌ الإنشاء، كالضربة ‌من‌ الضرب‌، و الإنشاء إيجاد الشي‌ء ‌من‌ ‌غير‌ سبب‌ يولده‌، و مثله‌ الاختراع‌ و الابتداع‌.

‌ثم‌ نبههم‌ ‌علي‌ طريق‌ غيره‌ ‌فقال‌ (أَ فَرَأَيتُم‌ ما تَحرُثُون‌َ) ‌من‌ الزرع‌ (أَ أَنتُم‌ تَزرَعُونَه‌ُ) ‌ أي ‌ أ أنتم‌ تنبتونه‌ و تجعلونه‌ رزقاً (أَم‌ نَحن‌ُ الزّارِعُون‌َ) فان‌ ‌من‌ قدر ‌علي‌ إنبات‌ الزرع‌ ‌من‌ الحبة الحقيرة و جعلها حبوباً كثيرة قدر ‌علي‌ إعادة الخلق‌ ‌إلي‌ ‌ما كانوا ‌عليه‌. و ‌قوله‌ (لَو نَشاءُ لَجَعَلناه‌ُ) يعني‌ ذات‌ الزرع‌ (حُطاماً) ‌ أي ‌ هشيماً ‌لا‌ ينتفع‌ ‌به‌ ‌في‌ مطعم‌ و ‌لا‌ غذاء لفعلنا. و ‌قوله‌ (فَظَلتُم‌ تَفَكَّهُون‌َ) معناه‌ ‌قال‌ ‌إبن‌ عباس‌ و مجاهد و قتادة‌-‌ ‌في‌ رواية عنه‌-‌ تعجبون‌. و ‌قال‌ الحسن‌ و قتادة‌-‌ ‌في‌ رواية‌-‌ فظلتم‌ تندمون‌ ‌ أي ‌ ‌لو‌ جعلناه‌ حطاماً لظلتم‌ تندمون‌. و المعني‌ إنكم‌ كنتم‌ تتروحون‌ ‌إلي‌ التندم‌، ‌کما‌ تتروح‌ الفكه‌ ‌الي‌ الحديث‌ ‌بما‌ يزيل‌ الهم‌. و أصل‌ التفكه‌ تناول‌ ضروب‌ الفاكهة للأكل‌.

و ‌قوله‌ (إِنّا لَمُغرَمُون‌َ) المغرم‌ ‌ألذي‌ ذهب‌ ماله‌ بغير عوض‌ عنه‌. و أصله‌ ذهاب‌ المال‌ بغير عوض‌، فمنه‌ الغريم‌ لذهاب‌ ‌ما ‌له‌ بالاحتباس‌ ‌علي‌ المدين‌ ‌من‌ ‌غير‌ عوض‌ ‌منه‌ ‌في‌ الاحتباس‌، و الغارم‌ ‌ألذي‌ ‌عليه‌ الدين‌ ‌ألذي‌ يطالبه‌ ‌به‌ الغريم‌. و ‌منه‌ ‌قوله‌ (إِن‌َّ عَذابَها كان‌َ غَراماً)[1] ‌ أي ‌ ملحاً دائماً كالحاح‌ الغريم‌. و ‌قال‌ الحسن‌: ‌هو‌ ‌من‌ الغرم‌. و ‌قال‌ قتادة معني‌ (لمغرمون‌) لمعذبون‌، ‌قال‌ الأعشي‌:

‌إن‌ يعاقب‌ يكن‌ غراماً و ‌إن‌ يع        ط جزيلا فانه‌ ‌لا‌ يبالي‌[2]

‌ أي ‌ يكن‌ عقابه‌ عذاباً ملحاً كالحاح‌ الغريم‌. و ‌قال‌ الراجز:

يوم النسار و يوم الجفار        كانا عذابا و كانا غراماً[3]

.

‌ أي ‌ ملحاً كالحاح‌ الغريم‌، و حذف‌ يقولون‌ إنا لمغرمون‌، لدلالة الحكاية.


[1] ‌سورة‌ 25 الفرقان‌ آية 65
(2، 3) مر ‌في‌ 7/ 505
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 505
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست